Loader
منذ 3 سنوات

طلب أحد العمال من آخر أن يفتح محل ويكتبه باسمه في رخصة المحل ويكون المحل له بنفسه ويعطيه مالاً كل شهر عن اسمه الذي كتبه في رخصته؟


الفتوى رقم (5207) من المرسل د. م. م من حوطة بني تميم، يقول: طلب مني أحد العمال أن أفتح محل ويكتب اسمي في رخصة المحل ويكون المحل له بنفسه ويعطيني مالاً كل شهر عن اسمي الذي كتبه في رخصته؟ هل يجوز هذا، وهل المال حلالٌ أو حرام؟

 الجواب:

        يقول الله جل وعلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"[1]، ويقول أيضاً: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"[2]، ويقول الرسول ﷺ: « من غشنا فليس منا ».

        فهذا التصرف فيه مخالفةٌ لولي الأمر، وفيه وضعٌ للإنسان نفسه في التهلكة، وفيه غشٌ وذلك أن هذه الصورة المسؤول عنها فيها غشٌ من جهة أن هذا الشخص وضع اسمه على هذا المحل وليس هو صاحبه، وإنما يأخذ نقوداً في مقابل هذا الغش وهذا تدليس، فلا يجوز ذلك.

        ومن جهة إلقائه نفسه في التهلكة أن هذا الشخص الذي يشتغل في هذا المحل قد يحمل المحل مبالغ مالية كبيرة وبعد ذلك يهرب وتكون هذه المبالغ المالية على صاحب المحل الذي كتب اسمه عليه، وهذا لا يجوز للإنسان أن يلقي نفسه في التهلكة.

        وأما مخالفة ولي الأمر فإن من وظائف ولي الأمر هو تحقيق جلب المصالح العامة ودرء المفاسد العامة، وكذلك العناية بجلب المصالح الفردية ودرء المفاسد الفردية على حسب الاستطاعة.

        فهذا الشخص قد خالف أمر ولي الأمر؛ لأن هذا ممنوعٌ من جهة ولي الأمر، وولي الأمر لم يمنع ذلك إلا من أجل تحقيق المصلحة العامة من جهة، ودرء المفسدة العامة من جهةٍ ثانية، كذلك تحقيق المصلحة للفرد ودرء المفسدة عن الفرد منبثقان من جلب المصلحة العامة ودرء المفسدة العامة.

          ولهذا لو يحصل تعاون من الأفراد مع الجهات المسئولة بحيث إن كل فردٍ من أفراد الرعية يلتزم بفعل ما أمر به على الوجه الشرعي وبالانتهاء عما حرم عليه على الوجه الشرعي لما حصلت مشاكل، ولكن الخلل يقع من أفراد الرعية من جهة مخالفتهم لما جاء في القرآن، ولما جاء في السنة، وكذلك مخالفته لأمر ولي الأمر المستند على أمر الله وأمر رسوله ﷺ، وبالتالي إذا وقع هذا الفرد في شيءٍ من الأمور التي تكون عاقبتها سيئة عند ذلك يلقي اللوم على غيره مع أنه هو السبب.

        فعلى كل شخصٍ أن يتقي الله جل وعلا، وأن يحذر من المفاسد التي ترجع إليه بسبب سوء تصرفه من جهة، وكذلك يتنبه إلى المصالح التي قد تفوته بسبب تصرفه، ولا ينبغي أن تكون نظرته مادية محضة أي أنه ينظر إلى كسب المال بصرف النظر عن كونه حراماً وكذلك بصرف النظر عما يترتب على عمله من فوات المصالح ومن جلب المفاسد. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (59) من سورة النساء.

[2] من الآية (195) من سورة البقرة.