ماذا تعني محبة الرسول ﷺ؟
- توحيد الألوهية
- 2021-07-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5240) من المرسل م. أ، يقول: ماذا تعني محبة الرسول ﷺ ؟
الجواب:
الرسول ﷺ أرسله الله إلى الإنس والجن. رسالته عامة ولهذا يقول ﷺ: « بعثت إلى الأحمر والأسود وكلّ نبي يبعث إلى قومه خاصة ». وأنزل الله عليه القرآن شريعةً عامة للإنس والجن إلى أن تقوم الساعة. وهذه الشريعة مشتملة على تكاليف مطلوبٌ فعلها، وتكاليف محرمة يجب على الإنسان أن يجتنبها. وكلّ مكلف داخل تحت هذه الشريعة في حدود ما يخصه من جهة ما يكون العمل فيه مقصورا عليه، ومن جهة ما إذا كان عمله متعدياً إلى غيره. وعمل الإنسان في هذه الشريعة لا بدّ فيه من الإخلاص ولا بدّ فيه من المتابعة؛ فالمتابعة هي موافقة القول والعمل؛ وكذلك أعمال القلوب موافقتها لشرع الله -جلّ وعلا-؛ وكذلك حصول الإخلاص في قلب الشخص؛ فالإخلاص والمتابعة لا بدّ منهما في كلّ عملٍ يعمله الشخص. وعلى هذا الأساس أمر الله -جلّ وعلا- بطاعته، وأمر بطاعة رسوله ﷺ وبيّن أن ما جاء به الرسول ﷺ فإن الشخص يأخذ به، وما أمر به امتثله الشخص، وما حرم الرسول ﷺ اجتنبه.
ومحبة الرسول ﷺ هي من أعمال القلوب؛ ولكنها تحتاج إلى مصداقية من جهة اتباعه ﷺ فيما أمر به واجتناب ما نهى عنه وزجر، ولهذا قال ﷺ: « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ».
ومحبة الرسول ﷺ محبة إيمانية. والذي ينبغي في هذا المقام هو أن الشخص لا يسلك في هذه المحبة مسلك الإفراط، ولا يسلك مسلك التفريط؛ وإنما يسلك مسلك العدل. فمسلك الإفراط هو تنزيل الرسول ﷺ منزلة الله-جلّ وعلا-؛ كالذين يأتون إلى قبره ويسألونه قضاء حاجاتهم ويطلبون منه أن ينفعهم، أو يطلبون منه أن يضر عدواً لهم، أو يطلبون ذلك وهم في غيبةٍ عنه يسألونه؛ كالمبتدعة الذين يقيمون الموالد زعماً منهم أن هذا من محبة الرسول ﷺ.
فالرسول ﷺ لم يقم مولداً لآدم u ولا لإخوانه من أهل العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى. وخلفاؤه الأربعة لم يقم واحدٌ منهم مولداً للرسول ﷺ؛ وهكذا انقرض عهد الصحابة رضي الله عنهم وانقرض عصر التابعين لم يقم أحدٌ منهم مولداً للرسول ﷺ. فمن أقام الموالد بزعمٍ منه أن هذا من محبة رسول الله ﷺ فهذا غلوٌ. وقوله ﷺ: « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ »، فهذا مما لم يأمر به الرسول ﷺ فيكون مردوداً على صاحبه. وهكذا عمل الإنسان المتعدي للأمر المشروع للرسول ﷺ يكون هذا من الإفراط.
وأما التفريط فهو التقصير؛ أي: إن الشخص يقصّر في امتثال أوامر الرسول ﷺ، وفي اجتناب ما جاء تحريمه على لسانه ﷺ، ويزعم أنه يحب رسول الله ﷺ؛ فيتبين من هذا أن المحبة الشرعية للرسول ﷺ هي عبارة عن وقوعها في القلب من جهة واقتفاء أثره فيما أمر به يعمل، وفيما حرمه يترك، وامتثاله فيما جاء به عن الله -جلّ وعلا-. وبالله التوفيق.