Loader
منذ سنتين

شخص حنث في عدة أيمان ثم نسي كم كفارة عليه، ماذا يفعل حتى يبرئ ذمته من جميع الأيمان التي حنث فيها؟


الفتوى رقم (3615) من المرسل السابق، يقول: إذا تهاون الشخص في التكفير عن أيمانٍ حنث فيها حتى نسي كم كفارة عليه، ماذا يفعل حتى يبرئ ذمته من جميع الأيمان التي حنث فيها؟ وما مقدار كفارة اليمين بالنقود؟

الجواب:

ينبغي للشخص إذا حلف يميناً من الأيمان المشروعة أن يسجله، يسجل نص اليمين الذي حلف، والمحلوف عليه، ووقت الحلف، ثم بعد ذلك إذا كان هذا المحلوف عليه من الأمور التي يشرع الحنث فيها، كما قال ﷺ : « إني لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت بالذي هو خيرٌ وكفّرت عن يميني ». فإذا حنث في يمينه فإنه يسجل حنثه، وهكذا إذا حلف على أمرٍ آخر، وعندما يحصل شكٌ عند الشخص في عدد الأيام التي حلفها وحنث فيها، فمن القواعد المقررة: أن الشخص يأخذ باليقين في هذا الأمر، فما تيقنه مبرئاً لذمته فإنه يأخذ به. فعلى سبيل المثال: لو شك هل حلف ثلاث أيمانٍ أو أربع، فإذا نظرنا إلى هذه الصورة وجدنا أنه يتنازعها أمران، الأمر الأول: أن الأصل براءة الذمة من الأيمان كلها، ولكنه حلف ودار حلفه بين أن تكون الأيمان ثلاثاً أو أربعاً، فالأصل براءة ذمته من الإيمان، لكن عندما يكفّر عن ثلاث، ويترك الرابعة، وعنده شكٌ فيه فإذا أخذنا بهذا الأصل قلنا: ليس عليه شيء، لكن عندما نأخذ بقاعدة الاحتياط في هذا الأمر، والاحتياط أن يكفّر عن أربع؛ لأن في هذا التصرف براءة لذمته على وجه اليقين.

 وبناءً على ذلك فإن هذا السائل ينبغي أن يرجع إلى الأسباب التي أوجبت الحلف بالأيمان التي حلفها، وبعدما يبحث عن هذه الأسباب، فإن توصل إلى أنها ثلاث أو أربع، يجعلها أربعاً براءة لذمته، وإذا كانت أربعاً أو خمساً، يجعها خمساً براءة لذمته.

لكن لو فرضنا أن المحلوف عليه واحد، وكرر خمس أيمان، عشر أيمان على أمر واحد، ففي هذه الحال لا يجب عليه إلا كفارةٌ واحدة، فإذن لا بدّ من تعدد الأسباب من جهة، وتعدد الأيمان من جهة، وتعدد الحنث من جهةٍ أخرى.

وهكذا إذا حلف على أمرٍ واحد ثم حنث، ثم حلف عليه مرةً أخرى ثم حنث، فالمقصود أن الشخص عندما يريد أن يكفّر، فإنه يسأل من يثق به من أهل العلم، وذلك من أجل أن يبرئ ذمته حسب الواقعة تماماً؛ لأن تقرير المسائل الشرعية من الناحية النظرية هذا له كلام، وتطبيق الجانب النظري في الأمر الواقعي يحتاج إلى معرفة الواقعة بدقةٍ من جميع جوانبها، ثم يطبق عليها ما يناسبها.

أما ما سأل عنه السائل من جهة مقدار الكفارة بالنقود، فإن الأدلة التي جاءت دالةً على كفارة اليمين هي عتق رقبةٍ، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم: يطعم عشرة أو يكسوهم، أو يصوم، وإذا لم يستطع العتق ولا الإطعام، ولا الكسوة، فحينئذٍ يصوم ثلاثة أيام؛ لأن كفارة اليمين يدخلها التخيير من وجهٍ، ويدخلها الترتيب من وجه آخر. فالتخيير بين العتق، والكسوة، والإطعام. والترتيب عندما لا يستطيع أي واحدٍ من هذه الثلاثة فإنه يصوم ثلاثة أيامٍ. ولا يجوز له أن يخرج النقود كفارةً لليمين. وبالله التوفيق.