نصيحة لشباب عندهم غلظة على المقصرين ؛ كمن يحلق لحيته أو يسبل، لا يسلّمون على بعضهم
- المصالح والمفاسد
- 2022-02-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11287) من المرسل السابق، يقول: هناك مجموعة من الشباب- وهم قلة عندهم غلظة على المقصرين - متحمسين لا يسلّمون على بعض أهل المعاصي؛ كمن يحلق لحيته، أو يسبل ثوبه وإن كان هذا المقصر جاهلاً. أرجو توجيه نصيحة لمثل هؤلاء الشباب حتى تكون الدعوة على أساس صحيح كما بدأها النبي ﷺ؟
الجواب:
لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شأن عظيم، فالله -تعالى- يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[1].
والشخص الذي يريد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يكون عالماً بما يأمر به وما ينهى عنه، وحكيماً فيما يأمر به وما ينهى عنه؛ لأنه قد يكون عنده قوة في الاندفاع، فيترتب على هذا الاندفاع مفسدة مساوية للمصلحة، أو مفسدة أعظم من المصلحة التي يريدها، أو أنه يتحصل على مصلحة مرجوحة مع فوات مصلحة راجحة، أو يدفع مفسدة مرجوحة مع حصول مفسدة راجحة. وكل هذه الأمور لا تجوز.
لكن عندما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويترتب على ذلك دفع مفسدة محضة، أو تحصيل مصلحة محضة، أو تحصيل مصلحة راجحة مع وجود مفسدة؛ لكن المصلحة تكون راجحة. أو حصول مصلحة راجحة مع تفويت مصلحة مرجوحة، أو دفع مفسدة كبرى ولو ترتب مفسدة صغرى؛ فهذه الأمور لا مانع من أن يغير الشخص المنكر؛ لكن الذي ليس عالماً أو عالماً وليس بحكيم لا ينبغي أن يدخل في هذا.
من الوقائع التي تنبه على هذا أن الله -سبحانه وتعالى- قال: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[2].
فالله -سبحانه وتعالى- حرّم سب آلهة المشركين؛ لأنك إذا سببت آلهتهم فإنهم يسبون الله -عزوجل-، فسبّ آلهتهم مصلحة لكن سيترتب عليها مفسدة أعظم فالله -سبحانه وتعالى- حرم ذلك.
وكان ﷺ في المسجد فدخل أعرابي فبال في المسجد فزجره الصحابة فقال: « لا تزرموه »؛ يعني: اتركوه.
فهذا فيه مصلحة؛ لأنهم لو أنهم تسابقوا وأغضبوه نشأ عن ذلك أن النجاسة بدلاً من أن تكون في موضع محدود تكون في موضع منتشر في المسجد فتركه الرسول ﷺ.
وكذلك لما جاء وفد نجران لمحاورة الرسول ﷺ في شأن عيسى أنزل الله من أول سورة آل عمران إلى نيف وثمانين آية، لما دخلوا مسجد الرسول ﷺ بعد صلاة العصر صفوا يصلون صلاتهم، فأراد بعض الصحابة أن يمنعهم، فقال لهم الرسول: اتركوهم.
فالمقصود أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بدّ أن يكون عالماً بما يأمر به وينهى عنه، ويكون حكيماً فيما يأمر به وينهى عنه. وإذا أمكن أن يكون عاملاً بما يأمر به وينهى عنه؛ يعني: يعمل بالطاعات ويترك المعاصي؛ فإن هذا يكون أفضل. وبالله التوفيق.