حكم إجابة دعوة ولي الأمر لنداء قداسة البابا
- توحيد الألوهية
- 2021-09-24
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1838) من المرسل ي. م، من السودان، مقيم بالبادية، يقول: هناك دعوةٌ من قداسة البابا بولس الثاني لكلّ الأديان للصلاة من أجل السلام، ومن بينهم الإخوة المسلمون، فهل يجوز للمسلمين أن يحضروا هذه الصلاة؟ علماً بأن الداعي هو الإمام، فهل هذه الأديان معترف بها وسارٍ مفعولها بعد الرسالة المحمدية؟
الجواب:
لا شك أن هذه الشريعة شريعةٌ عامة للإنس وللجن إلى أن تقوم الساعة؛ فالقرآن هو آخر الكتب، والرسول ﷺ هو آخر الرسل، فرسالته عامة، وقد جاء في القرآن ما يدل على ذلك، وكذلك جاء في السنة ما يدل على ذلك؛ فمن القرآن قوله تعالى:"وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ"[1]، ويقول الله جلّ وعلا :"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"[2]، وجاء تقرير رسالة محمدٍ ﷺ في القرآن في قوله تعالى:"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا"[3].
وبالنسبة لدخول الجن في الرسالة، وأن هذه الشريعة عامة لهم قوله تعالى:"وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)"[4] الآية. وقوله تعالى:"قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)"[5].
وأما بالنسبة للسنة فإن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- قال: « بُعثت إلى الأحمر والأسود، وكلّ نبيٍ يبعث إلى قومه خاصة »؛ يعني: إن رسالة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- عامة، وإن الرسل وعددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر هؤلاء باستثناء الرسول ﷺ هؤلاء كلّ واحدٍ منهم يبعث إلى قومه خاصةً؛ أما الرسول ﷺ فرسالته عامة، ولما رأى النبي ﷺ ورقة من التوراة في يد عمر بن الخطاب قال: « ما هذه يابن الخطاب؟ قال: هذه ورقةٌ من التوراة، قال: أفي شكٍ أنت يابن الخطاب؟ لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي ».
ومن المعلوم -أيضاً- أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان، ويحكم بشريعة محمدٍ ﷺ.
وجاءت أدلة تدل على أن الشخص الذي لا يتمسك بهذا الدِّين فليس على حقٍ، كما في قوله تعالى:"إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"[6]،"وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"[7].
ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام هو: إن الشرائع متفقة في الأصول، ولكن يحصل بينها اختلافٌ في بعض الفروع، فنسخ هذه الشريعة للشرائع السابقة إنما هو بالنسبة إلى بعض الفروع؛ أما بالنسبة للتوحيد والإيمان وأصول الإسلام، وجميع الضروريات الخمس؛ فهي متفقٌ عليها في جميع الشرائع، وهي: حفظ الدِّين، وحفظ المال، وحفظ النفس، وحفظ العرض، وحفظ العقل؛ هذه الأمور متفقٌ عليها في جميع الأديان.
وبناءً على ذلك، فإن جميع الناس الذين على وجه الأرض منذ أن أرسل الله محمداً ﷺ إلى أن تقوم الساعة هم مخاطبون بالقرآن، وبسنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-. وبالله التوفيق.