Loader
منذ 3 سنوات

حكم كشف الوجه والشعر وبعض البدن للطبيب المعالج


الفتوى رقم (1641) من المرسلة س. ع. أ من الهند، تقول: اضطررت للسفر خارج بلدي للعلاج، وكان المعالج رجلاً، وكان هناك كشف للوجه والشعر وبعض من أجزاء البدن، فما الحكم؟

الجواب:

 هذه المسألة لها نظائر كثيرة في الواقع، والناس الذين يحتاجون إلى العلاج ثلاثةُ أقسام:

- قسم يسلكون مسلك الإفراط.

- وقسم يسلكون مسلك التفريط.

- وقسم يسلكون مسلك العدل.

فالذين يسلكون مسلك الإفراط: تتبذل المرأة إذا احتاجت إلى أدنى علاج؛ تتبذل عند الرجال عند الأطباء، وتترك الذهاب إلى النساء، والنساء موجودات للعلاج؛ ولكنها تختار الذهاب إلى الرجال مع أن المرض خفيف جداً، فهذا فيه إفراط، ولا يجوز للمرأة أن تذهب للعلاج عند رجل مادامت تجد نساء يقمن بعلاجها، هذا هو مسلك الإفراط.

وأما مسلك التفريط: فتصاب المرأة بمرض ويمنعها وليُّها بألّا تعالج عند الطبيب، مع أنه متعذر وجود النساء، أو متعذر وجود أخصائية من النساء في هذا المجال، فيمنعها من العلاج عند الطبيب، وقد يتطوّر هذا المرض ويؤثّر على صحتها، وقد تكون في حالة تحتاج إلى إسعاف؛ ولكن إذا نظر إلى أن الرجل هو الذي سيكشف عليها مع عدم وجود امرأة، وتعذّر وجودها، يقول: لا حاجة إلى هذا العلاج.

فأهل القسم الأول عندهم جهل من ناحية الأحكام الشرعية، وأهل القسم الثاني يحملون الشريعة مالا تتحمله من الضيق، فأولئك يوسّعون سعة خارجة عن نطاق الشريعة، وهؤلاء يضيّقون تضييقاً ليس من الشريعة في شيء.

        وأما الذين يسلكون مسلك العدل: فإذا مرضت المرأة بحثوا عمّن يعالجها من النساء، فإن وجدوا فبها، وإن لم يجدوا يبحثوا عن طبيب مسلم، فإذا لم يجدوا فإنهم يعالجون عند الطبيب الذي يتمكّنون من العلاج عنده مع مزيد من التحفظ. وفي هذه الحال إذا احتاجت المرأة إلى أن تكشف المحل الذي يُراد الكشف عليه أو يراد علاجه، وعلاجه مترتبٌ على كشفه؛ كأن يكون هناك جرحٌ في جزءٍ من أجزاء البدن، ولا يتم وضع الدواء عليه إلا بكشف هذا المحل؛ ففي هذه الحال يجوز للمرأة أن تكشف من جسمها للطبيب المختص الذي لم تجد غيره من النساء لهذا المرض، يجوز لها أن تكشف المحل الذي تدعو الحاجة إليه، ويكون هذا من باب الرخصة، وهو فرعٌ من فروع قاعدة (المشقة تجلب التيسير)، وهذه القاعدة متقرّرة في القرآن وفي سُنّة الرسول ﷺ، وقد أجمع عليها العلماء، وعمل بها الفقهاء، بني عليها في الشريعة من المسائل شيءٌ كثير.

 والحاصل أنه لا يجوز للإنسان أن يسلك مسلك الإفراط، ولا ينبغي له أن يسلك مسلك التفريط؛ بل عليه أن يسلك مسلك العدل، وإذا أشكل عليه شيءٌ فعليه أن يسأل أهل العلم؛ لقوله تعالى:"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[1]، ويقول النبي ﷺ: « ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العيّ السؤال »[2]. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (43) من سورة النحل.

[2] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم(1/93)، رقم(336)، واللفظ له، وابن ماجه في سننه، كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل(1/189)، رقم(572).