Loader
منذ 3 سنوات

هل يعلم الميت بصاحب العمل الذي يدعو له ويتصدق عنه؟


  • الجنائز
  • 2021-09-23
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1734) من المرسلة ق. ع. م س من الرياض، تقول: توفيت والدتي قبل أشهر، وكنت بارةً بها، وإنني -الآن- أدعو الله لها، وأتصدّق، وأقرأ القرآن الكريم، وأنوي ثواب ذلك لروحها؛ وسؤالي: هل يعرف الميت من هو صاحب العمل الذي يصله ثوابه بمشيئة الله؟ وهل يعرف أنه صادرٌ من ولده فلان، أو ابنته فلانة، أو من أحد أقاربه؟.

الجواب:

هذه المسألة من المسائل التي يفعلها أو يقولها الأحياء للأموات، والأصل في هذه المسألة قوله ﷺ: « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم نافع، وولد صالح يدعو له ».

فالأعمال التي يقدّمها الأحياء لأمواتهم منها أمورٌ مالية، ومنها أمورٌ بدنية، وهذا الحديث دلّ على الأمور المالية: صدقة جارية؛ وعلى الأمور البدنية منها ما يكون الميت سبباً فيه، وهو العلم الذي ينتفع به، ومنها الدعاء الذي يحصل من ولده له؛ وهكذا دعاء المسلمين الأحياء لإخوانهم الميتين؛ سواءٌ زاروهم في قبورهم كما كان رسول الله ﷺ يزورهم ويدعو لهم؛ وأما ما يفعله بعض الناس من الصلاة للأموات، أو الصيام لهم، أو قراءة القرآن لهم؛ وهذه القراءة قد يفعلها الإنسان عند القبر، وقد يفعلها الإنسان عند الميت بعد موته وقبل دفنه، وقد يفعلها الإنسان في بيته، وقد يكون هذا بأجرة، وقد لا يكون بأجرة، والأصل في هذا الباب أنه تعبدي، والعبادات مبنيةٌ على التوقيف، ومعنى التوقيف: أنه لا يٌقال عن هذه العبادة مشروعة من جهة أصلها أو كيفيتها أو كميتها؛ لا يقال: إنها مشروعة إلا إذا دلّ الدليل على ذلك، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- لم يفعل هذا ولم يأمر به، وأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكرٍ رضي الله عنه، ولما مات رسول الله ﷺ ما كان يفعل ذلك له؛ وهكذا عمر لم يفعله لا للرسول ولا لأبي بكر وهكذا. والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ».

فسنتهُ سنةٌ تشريعيةٌ بإقرار الله له، وسنة الخلفاء الراشدين سنةٌ بيانية، وقد أمر الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- بالأخذ بها، وقال -أيضاً-: «اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكرٍ وعمر ».

 وعلى هذا الأساس وهو تقرر هذا الأصل؛ ينبغي للمسلم أن تكون أعماله متفقةً مع هذه الشريعة، ولا شك أن كلّ عملٍ لا بد فيه من شرطين:

الشرط الأول: الإخلاص، والشرط الثاني: المتابعة.

        وهذا العمل قد يوجد فيه الإخلاص؛ ولكن لا توجد فيه المتابعة، وهو أن يكون له أصلٌ في الشرع يعتمد عليه، وبما أن الله سبحانه وتعالى قد وسّع باب أعمال الأحياء للأموات من تقديم الصدقات، ومن الدعاء؛ فعلى الشخص أن يكثر لأمواته من ذلك.

وأما ما ذكرته السائلة من أن الميت يعلم بذلك أو لا يعلم، أو أنه من جاءه هذا منه؛ كلّ هذه الأمور ليست من اختصاص الأحياء؛ وإنما هذه من اختصاص الله -جلّ وعلا-، وإذا صدق العبد في عمل الأمر المشروع؛ سواءٌ كان لنفسه، أو كان لغيره، فالله -جلّ وعلا- يقول في محكم كتابه:"إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا"[1]، ويقول -جلّ وعلا-:"بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"[2] فعلينا أن نعمل وفق الشرع نبتغي بذلك وجه الله، ولا نكلف أنفسنا بما وراء ذلك؛ لأن هذا راجعٌ إلى الله -جل وعلا-. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (30) من سورة الكهف.

[2] الآية (112) من سورة البقرة.