Loader
منذ 3 سنوات

حكم النذر للأولياء وهل يجب الوفاء به؟


الفتوى رقم (1097) من المرسل م.ن. ع، من العراق- نينوى، يقول: أنا شخصٌ أعبد ربي، وأصلي، وأقرأ القرآن الكريم، وأخاف الله كثيراً، وأحب أن أصلي كثيراً، وأتصدق عل الفقراء، وأزور العتبات المقدسة للأئمة، والسادة، وكل الناس الطيبين، بالرغم من أنني فقير الحال، فأنا موظفٌ في إحدى الدوائر الحكومية، ويبلغ راتبي الشهري مائة وخمسة وسبعين ديناراً عراقياً، ولكنني قد صادفت عدة مشاكل في حياتي، وكلما أصطدم بمشكلةً، أُكثر من الدعاء لله تعالى، وأنذر بنذرٍ لوجه الله، أو لأحد الأئمة، لكي يُفرج عني، ويبعدني من هذه المشكلة، وبالفعل، فإن الله سبحانه عزوجل يستجيب لدعائي، ويخلصني من هذا البلاء، ففي كل مرةٍ أنذر بنذرٍ إلى أن أصبح مجموع النذور التي نذرتها ثلاثة وأربعين نذراً، وقد وفيت بخمسةِ نذور، وبقي ثمانية وثلاثون نذراً، لم أستطع الوفاء بها، بالإضافة ِ إلى أنني في كل سنةٍ أوفي بنذرٍ واحدٍ للإمام علي زين العابدين، إضافةً إلى الالتزامات الأخرى علي، كالسكن، والمصروف، ونحو ذلك، علماً بأنني متزوج، ولي أربعة أطفال، فأرجو منكم أن تفيدوني ماذا أفعل؟ هل أستمر بالوفاء بنذري، وأنا مطلوب بهذا القدر من المال، وصاحب عائلةٍ لا يكفي راتبي الشهري لمعيشتي، ومعيشةِ أهلي، أم ماذا أفعل؟

الجواب:

أولاً: أنه لا يجب عليك أن تنذر من حيث الأصل، لا نذر إلا لله، ولا نذر لغيره.

ثانياً: مدح الله جل وعلا الذين يوفون بالنذر بقوله تعالى:"يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"[1].

ثالثاً: أن النذر الذي يُوفى به هو: نذر الطاعة؛ لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال: « من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه »، ولا شك أن النذر لغير الله معصية؛ لأن الرسول ﷺ قسم النذر قسمين: طاعة، ومعصية، وجعل النذر لغير الله، من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، فهذا يدل على أن هذا النذر معصية، يعني النذر لغير الله، وبما أنه معصيةٌ فلا يجوز لهذا الشخص أن يفيَ بما نذر به.

رابعاً: عليه أن يُحصيَ الأشياء التي نذرها، ويميز منها ما كان لله، فهذا يفي به، وما كان لغير الله، فلا يجوز له الوفاء به.

 خامساً: عليه أن يتقيَ الله في نفسه مستقبلاً، فلا يعقد نذراً لغير الله جل وعلا.

سادساً: فيه تنبيه على أنه ذكر في سؤاله أنه ينذر لغير الله، وينذر لغير الله ويدعو الله، وقد يستجيب له، فإذا كانت الاستجابة واقعة بعد النذرِ لغير الله؛ فقد يكون هذا من باب الابتلاء والامتحان، وعلى هذا الأساس، فلا ينبغي أن يكون هذا طريقاً مشجعاً لهذا الشخص في أنه ينذر لغير الله، ظناً منه أن هذا جائز.

والحاصل من هذا كله أنه يفي بالنذر الذي لله، ولا يجوز له أن يفي بالنذر الذي لغير الله، وأن يتجنب النذر لغير الله مستقبلاً، وبالله التوفيق.

المذيع: النذر الذي لغير الله، والذي لا يجوز له الوفاء به، هل يترتب عليه كفارةٌ عنه؟

الشيخ: إذا نذر لغير الله، وسبق في الجواب عن هذا أنه لا يجوز له الوفاء به؛ ففيه مخرج، وأنا ما تعرضت لهذا المخرج، بالنظر إلى أن فيه خلافاً بين أهل العلم، هل تجب عليه الكفارة، أو لا تجب عليه ! لكن بما أنك أثرت هذه النقطة؛ فهذه الأشياء التي نذرها يُكفر عنها كفارة يمينٍ، خروجاً من الخلاف, وكفارة اليمين هي أن يطعم عشرة مساكين، أو يكسوهم، أو أنه يعتق رقبة، وإذا كان لا يستطيع، فإنه يصوم ثلاثة أيام، بهذا دل القرآن والسنة.

وليس معنى هذا أن جميع النذور التي لغير الله تكون كفارتها واحدة، بل كل نذرٍ منها إذا كان سببه متعدداً، أما إذا تعددت النذور، ولكن السبب واحدٌ، فإنه يكفر كفارة واحدة، وبالله التوفيق.



[1] الآية (7) من سورة الإنسان.