Loader
منذ سنتين

ما أنسب طريقة لحفظ القرآن الكريم؟


الفتوى رقم (8229) من المرسل السابق، يقول: ما أنسب طريقة لحفظ القرآن الكريم؟

الجواب:

        من الطرق التي ينبغي للشخص أن يسلكها تحديد الآيات التي يريد حفظها، وتكون هذه الآيات متناولة لموضوع مستقل، أو أنها جزء من موضوع موسع، فإذا حدد الآيات فإنه يقرأ تفسيرها، يقرأ في تفسير من التفاسير، يعرف معاني المفردات من الناحية اللغوية ومن الناحية الشرعية، وإذا كانت هذه الآيات نزلت على سبب، فإنه يبحث عن السبب، وإذا كانت هذه الآيات أو كان بعضها منسوخاً، فإنه يبحث عن الناسخ، وهكذا إذا كانت ناسخة، فيبحث عن الآيات التي نسختها؛ بمعنى أنه يعرف العلاقة بين الآيات الناسخة والآيات المنسوخة، ثم بعد ذلك يعرف معنى هذه الآيات على وجه الإجمال، يعني ما هو موضوعها، ثم بعد ذلك يقرأ تفسير هذه الآيات على وجه التفصيل، بادئاً من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بآثار الصحابة، فيكون قد سلك في تفسير هذه الآيات معرفة مفردات لغةً واصطلاحا، وكذلك معرفة سبب النزول ومعرفة الناسخ والمنسوخ وموضوع الآيات يعني على وجه الإجمال، وكذلك تفسير هذه الآيات إذا كان فيها شيء قد فُسر في موضعٍ آخر من القرآن، وكذلك تفسير هذه الآيات الذي جاء في السنة، وكذلك تفسير الصحابة لهذه الآيات وتفسير التابعين، وبعدما ينتهي من هذه المراحل، وإذا كانت عنده قدرة يضيف إلى ذلك أيضاً ما يتعلق بهذه الآيات من ناحية الإعراب، وما يتعلق بها من الناحية البلاغية، وبعد ذلك يحفظ هذه الآيات.

        فعلى سبيل المثال: إذا نظرنا إلى سورة البقرة وجدنا أنها تشتمل على جملة من الموضوعات:

        الموضوع الأول: الكلام عن القرآن في قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}[1]، ثم بعد ذلك بين الله -جل وعلا- أصناف الناس المؤمنين، الكافرين، المنافقين، فذكر المؤمنين في أربع آيات، والكافرين في آيتين، والمنافقين في ثلاث عشرة آية، فيقرأ ما يتعلق بالمؤمنين، فإذا انتهى منه يقرأ ما يتعلق بالكافرين، فإذا انتهى منه يقرأ ما يتعلق بالمنافقين، ثم بعد ذلك جاء موضوعٌ آخر؛ لأن هذا الموضوع هو بيان أصناف الناس.

        الموضوع الآخر: دعوة هذه الأصناف إلى التوحيد {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[2] إلى قصة الاستخلاف في الأرض: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ}[3]، وهكذا لا بد من أن يسلك هذا المسلك، وفيه بعض المفسرين وضعوا تفاسيرهم على هذه الطريقة، وبالله التوفيق.



[1] من الآيات (1 - 2) من سورة البقرة.

[2] وردت في أماكن كثيرة، وأولها في سورة البقرة، من الآية (21).

[3] من الآية (30) من سورة البقرة.