حكم مدح الإنسان
- فتاوى
- 2021-06-16
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (229) من المرسل السابق، يقول: هل ورد حديث يمنع المديح؟
الجواب:
المدح يختلف، فإذا كان المدح صدقاً؛ يعني إذا كان المدح من باب الثناء على الإنسان بما فيه، فهذا ليس فيه شيء. فقد يمدح الإنسان نفسه، وقد يمدحه غيره.
وهذا جاء في القرآن، فأما مدح الإنسان لنفسه، فقد جاء في قصة يوسف عليه السلام قال تعالى: "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"[1]، فقد وصف نفسه بصفتين، في « الحفظ » وفي « العلم »، فأما من ناحية الحفظ، فهو من جهة الأمانة، وأما من ناحية العلم، فهذا من جهة خبرته في الأمور من ناحية أنه يعرف كيف يتصرف، فهو أمين من جهة، وقوي وحكيم من جهة أخرى.
وأما مدح الإنسان لغيره، فكما وقع من ابنة شعيب لموسى. فقد حكى الله عنها قوله تعالى: " إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"[2]، فقد وصفته بالقوة، ووصفته بالأمانة.
فمدح الإنسان بما فيه، هذا ليس فيه شيء.
أما مدح الإنسان بما ليس فيه، وهذا ما يفعله كثير من الناس، ويا للأسف، يستعملون أساليب يمدحون بها الأشخاص، ولعله يكون أسلوبا من أساليب حياته، وهو يعلم من نفسه، أنه كاذب بما يقول، ولكنه يريد أن يتقرب إلى هذا الشخص الذي مدحه بهذا المدح، فهذا حقيقته أنه نوع من أنواع النفاق، ويصدق عليهم حديث رسول الله ﷺ « إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب »[3].
فهذا يجب أن يحثى في وجهه التراب؛ امتثالا لقول الرسول ﷺ، وهذا مرض من الأمراض الاجتماعية، فيسمى نفاقاً من جهة، ويسمى كذباً من جهة أخرى، والذي يسلك هذا المسلك يكون فاقدا للأمانة؛ لأنه لا يحكي الصدق، الذي هو واقع الأمر، وإنما يحكي كذبا.
فعلى كل شخص توجد عنده هذه الصفة أن يتنبه لنفسه، وأن يقلع عنها، وألا يغتر بمقابلة الناس لهذا الكلام الذي يصدر منه، لا يغتر بما يصدر منهم من بسمات، أو استقبال حار لهذا الكلام، أو تحسين له، فإن العبرة بما في واقع الأمر، لا بما يسمعه من فلان أو علان، من جهة أن هذا الطريق، هذا طريق جيد، وأسلوب ممتاز، وأنت رجل محنك، وفاهم، وتعرف كيف تتصرف.
فالمقصود هو وجوب الإقلاع عن هذا الخلق.
والحاصل أن المدح إذا كان حقاً فلا شيء فيه، وإذا كان الشخص يمدح الشخص بما ليس فيه، فهذا لا يجوز، وبالله التوفيق.
[3] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف فتنة الممدوح(4/229)، رقم(3002).