Loader
منذ سنتين

ما نصيحتكم لمن يقصّر في بر الوالدين؟ وما الطريقة الصحيحة لبرهما؟


  • فتاوى
  • 2022-01-29
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (9709) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: بر الوالدين باب من أبواب دخول الجنة، ما نصيحتكم لمن يقصّر في بر الوالدين؟ وما الطريقة الصحيحة لنقوم ببر الوالدين؟

الجواب:

        بر الوالدين ورد فيه أدلة من القرآن وأدلة من السنة، وإذا استقرئت هذه الأدلة تبيّن منها وجوب بر الوالدين، والله -تعالى- قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}[1]، فهذا البر الذي اشتملت عليه هذه الآية:

        أولاً: إيصال الخير لهما. والخير يكون بالأقوال، ويكون بالأفعال، ويكون بالمال و بخاصة المال الحلال. والأقوال والأفعال هذه تختلف باختلاف حالة الأب وحالة الأم. ولكل مقامٍ مقال.

        الأمر الثاني: كف الأذى بأي وجهٍ من الوجوه؛ بمعنى: إن الشخص لا يكون مباشراً للأذى، ولا يكون سبباً في الأذى، ولا يكون مقراً للأذى عندما يأتي على والده أو على والدته من أحد، فقوله -جل وعلا-: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}[2] هذا فيه تنبيهٌ على كف الأذى من ناحية القول، وكذلك من ناحية الفعل.

        والأمر الثالث: هو الدعاء لهما، دعاء المسألة فالدعاء: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[3]، فهذا دعاء مسألة، وذلك أنك تدعو الله -جل وعلا- لهما بالرحمة. وقال النبي ﷺ: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم »، وهذا الحديث كما أنه مشتمل على مشروعية البر فهو مشتمل -أيضاً- على نتيجة من النتائج المترتبة على البر، وهذه النتائج يستفيد منها البار.

        فالشخص عندما يعمل مع والديه أعمالاً حسنة وأقوالاً حسنة، ويحسن إليهم بالمال، ويكف أذاه وأذى غيره إذا أمكنه ذلك؛ أما أذاه هو فإنه يتمكن من الامتناع عنه، وكذلك ما يكون سبباً فهو عندما يعمل هذه الأعمال مع والديه فإن ولده سيعمل معه هذا العمل، وبقدر ما يحصل منه من الأذى؛ سواءٌ كان في القول أو في الفعل، أو في منع الحق لهما، الحق والواجب لهما؛ كما إذا كانا لا يستطيعان النفقة على أنفسهما، فنفقتهما في هذه الحال واجبةٌ عليه ولكنه يمنع هذا الحق، فإنه سيجني ذلك من ولده. ووجود الأبوين أو أحدهما هذه فرصة للإنسان للقيام ببرهما، لعل هذا البر يكون سبباً في دخول الجنة، فقد قال جبريل للرسول ﷺ: « رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ، قل: آمين، فَقُلْتُ: آمِينَ ».

        فلا شك أن وجود الأب أو الأم فرصة لمن يريد أن يسلك الطريق المرضي لله أولاً، والطريق المرضي لوالديه ثانياً، وحصول المنفعة في الدنيا له والأجر في الآخرة.

        ومما يؤسف له أن كثيراً من الشباب في عصرنا الحاضر لا يقيمون وزناً بالنسبة لبر الوالد أو الوالدة أو هما جميعاً، فتجد أن الولد يكرم صديقه ويعق أباه، فإذا أمره والده بأمرٍ فيه مصلحةٌ له يعصيه، وإذا نهاه عن أمرٍ فيه مضرةٌ عليه فإنه لا يمتثل هذا النهي؛ بل إنه يرتكب هذا الأمر المحرم، وهذا كما أن فيه معصية لله -جل وعلا- فهو -أيضاً- عقوق لهذا الوالد، فالواجب على الشخص -ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى- أن ينظر في وضع والده أو والدته، ويتحسس جميع المواضع التي يوصل إليه النفع من جهتها ويكف الأذى، ويسأل الله الإعانة. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (23-24) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (23) من سورة الإسراء.

[3] من الآية (24) من سورة الإسراء.