Loader
منذ سنتين

حكم دعاء البنات على أبيهم الذي يقسو عليهم


الفتوى رقم (4246) من المرسلة السابقة، تقول: أبي رجل قاس جدًا وعندما يقسو عليّ أنا وأخواتي البنات ندعو عليه؛ لأنه يظلمنا كثيرًا ويضربنا في بعض الأحيان، فهل نحن آثمات في أننا ندعو عليه وننكر ما يفعله بنا في غيابه حول بعضنا البعض؟

الجواب:

        ينبغي على ولي أمر الأسرة القائم على تربيتها أن يكون أساس تربيته هو تطبيق الأمور الشرعية فيما يخص كل فرد من أفراد الأسرة من بنين، ومن بنات، ومن زوجة، فلا يجعل الأوامر الشرعية خلف ظهره، ويسلك مسلك الإفراط في تربيتهم؛ بمعنى: أنه يعاقب بدون سبب، أو يزيد في العقوبة أكثر مما يجب، فالعقوبة قد تكون بالهجر، وقد تكون بالقول، وقد تكون بالضرب غير المبرح؛ لأن كل ذنب له حجمه، وبقدر حجم الذنب تكون العقوبة، هذا من جهة التأديب الذي يقع باعتبار المخالفات.

        وهناك توجيهات يعملها أولياء الأمور، تكون هذه التوجيهات بمثابة الأسس التي ينطلق منها الشخص المرتبط بولي هذا الأمر، وذلك بحسب اختلاف الأمور.

        وهناك توجيهات باعتبار علاقة العبد بربه، وباعتبار علاقته بنفسه، وباعتبار علاقته بوالده ووالدته، وباعتبار علاقته بإخوته الكبار، وإخوته المساوين له في السن، وإخوته الذين دونه وسائر الأقارب وهكذا، فتكون هذه التوجيهات يبين فيها ما ينبغي أن يسير عليه الشخص في المستقبل، ولا يسلك الأب مسلك التفريط بمعنى أنه يهمل أولاده.

        فعلى سبيل المثال: إذا رأى ولداً من أولاده الذين شرعت لهم الصلاة إذا رآهم لا يصلون وتركهم يكون هذا تفريط منه، فإذا رآه على معصية لم ينهه، وإذا رآه متلبساً بترك واجب من الواجبات عليه، لم يأمره بفعل هذا الواجب، فيكون مهملاً، وكما أن الأب أو ولي الأمر مسؤولًا بهذه الكيفية؛ كما قال الرسول ﷺ: « كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته »، الحديث.

        فكذلك ينبغي على أولاده مثلاً أن يتعاونوا معه؛ لأن كثيراً من الأولاد يكون سبب شقاءٍ على نفسه، وعلى أسرته، وعلى والديه، يكون مصدر تعب.

        فينبغي أن يتعاون الأبناء والبنات مع ولي أمرهم، فيحرصون ابتداء على فعل الأوامر، ويحرصون ابتداء على ترك النواهي، وعندما يوجههم والدهم إلى أمر محمود، يأخذون به. وعندما ينبههم على أمر مذموم، يتجنبونه، والولي قد يحصل منه خطأ، وكذلك الفرد من أفراد الأسرة قد يحصل منه خطأ؛ ولكن لا ينبغي أن يغض النظر عن الجوانب الحسنة، ويعلق النظر بهذا الخطأ، فيكون هذا الخطأ الذي وقع هو مجال الكلام في المجالس وبين أفراد الأسرة بل الخطأ يكون معفواً عنه سواء وقع من الولي، أو وقع من بعض أفراد الأسرة، فالغاية والنتيجة هي أن يسود التعاون بين ولي أمر الأسرة وبين أفرادها، فلا يسلك مسلك الإفراط، ولا مسلك التفريط في التعامل معهم؛ بل يسلكُ مسلك العدل. وهم كذلك لا يسلكوا معه مسلك الإفراط، ولا مسلك التفريط؛ بل يسلكوا مسلك العدل، ومتى كانت النية حسنة، فإن الله -جلَّ وعلا- يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[1]، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (4) من سورة الطلاق.