Loader
منذ 3 سنوات

تفسير قول الله -تعالى-:"وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ"


  • التفسير
  • 2021-08-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (7126) من المرسل السابق، يقول: قال الله -تعالى-: "وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ"[1]، أرجو تفسير هذه الآية أحسن الله إليكم.

الجواب:

        هذه الآية فيها بيان الأمر بالإيمان بالقرآن، ويكون هذا الإيمان مصحوباً بالإيمان بالكتب السابقة؛ لأن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل وأنزل عليهم الكتب، وآخر الرسل محمدٌ ﷺ، والقرآن هو آخر الكتب، ورسالة الرسول ﷺ عامة للإنس والجن، يقول الله -جل وعلا-: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"[2]، ويقول -جل وعلا-: "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ"[3]، ويقول -جل وعلا-: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا"[4]، ويقول -جل وعلا-: "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ"... الآية[5]، فهذا فيه تنبيهٌ، فيه دليلٌ على أن رسالة الرسول ﷺ عامة للإنس وللجن، ولهذا لا يصح إيمان شخصٍ لا يؤمن بهذا القرآن ولا يؤمن بالرسول ﷺ؛ وكذلك الإيمان بالرسل وبالكتب المتقدمة، ولهذا يقول الله -جل وعلا-: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"[6]، وجاءت آياتٍ كثيرة على أنه لا بدّ من الإيمان بالرسل، ولهذا من أركان الإيمان: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله) ففي هذه الآية تنبيهٌ أو بيانٌ على أنه لا بدّ من الإيمان بهذا القرآن، ولا بدّ من الإيمان بالكتب السابقة، وكذلك الإيمان بالرسل السابقين، ولهذا الدعوة الآن إلى التقريب بين الأديان هذه فكرةٌ لا شك أنها مخالفة لكتاب الله ورسوله ﷺ، ولهذا لمّا رأى الرسول ﷺ ورقةً في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذه الورقة من التوراة، قال: « أفي شكٍ أنت يا ابن الخطاب؟ » فألقاها وقال له الرسول: « لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي »، والله سبحانه وتعالى أخذ الميثاق على الرسل السابقين في الإيمان: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ"[7] فالميثاق مأخوذٌ عليهم جميعاً. وبالله التوفيق.



[1] الآية (41) من سورة البقرة.

[2] من الآية (1) من سورة الفرقان.

[3] من الآية (19) من سورة الأنعام.

[4] من الآية (28) من سورة سبأ.

[5] من الآيات (29- 31) من سورة الأحقاف.

[6] الآية (285) من سورة البقرة.

[7] من الآية (13) من سورة الشورى.