كلمة حول ظاهرة حجر البنت على ابنها عمها منذ صغرها، والمغالاة في المهور، وتأخير الزواج
- النكاح والنفقات
- 2022-03-03
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11569) من المرسل ف. د، من المدينة النبوية، يقول: هناك ظاهرة عند بعض الآباء وهي حجر البنت على ابنها عمها منذ صغرها، والمغالاة في المهور، وتأخير الزواج بحجة إكمال الدراسة مع العلم أن الفتاة لها رغبة في الزواج، فهل لكم من كلمة حيال هذه القضية؟
الجواب:
الله -تعالى- يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[1]، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[2]، والأدلة الدالة على مشروعية النكاح من الكتاب والسنة والإجماع ليست بخافية. والرسول ﷺ قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير »، وقال ﷺ: « تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك »، ويقول ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسؤولٌ عن رعيته؛ ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته ».
وبناءً على جميع ما تقدم فإن المرأة هي أمانة في عنق أبيها لها حقوق وعليها حقوق، ومن حقوقها أنه إذا جاء من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فإنه يوافق على زواجه.
أما يتعلق بمنع المرأة وإيقافها على شخصٍ معينٍ قد يتأخر زواجه، وقد لا يكون مرضياً في دينه وأمانته، وتُجبر عليه هذه البنت فإن نتيجة هذا الزواج تكون عكسية؛ لأن الزوج لم يرغبها، وإنما هي محجورةٌ على حسابه، فلا تكون له رغبة في الاستمرار في معاشرتها، وهي -أيضاً- تكرهه؛ لأنها مُجبرة على زواجها به، فلا يكون هناك رغبة عندها من ناحية معاشرته، وتحصل بينهما النُفرة، والله -تعالى- يقول: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[3]، فلا تكون هناك مودة ورحمة، وبالتالي تحصل الفرقة بينهما، ويكون السبب في ذلك كله هو والد البنت؛ هذا من جانب الإجبار.
وأما الجانب الآخر وهو مسألة المهر فمما يؤسف له أن كثيراً من الآباء يركزون على زيادة المهر من أجل مصلحته، وقد يؤخر زواجها وهي تدرس من أجل أخذ راتبها.
فقد سألتني امرأة عمرها تسعٌ وثلاثون سنة تقول: إنني تخرجت وتوظفت ومنعني والدي من الزواج وذلك حسب قوله: إنه يريد أن يستوفي رواتبي حتى أقضي له ما صرفه عليّ منذ نشأتي؛ بمعنى: إنه جعل الحقوق التي أوجبها الله عليه للقيام بالنفقة والكسوة والسكنى لهذه البنت ديناً عليها فأخّر زواجها وهي تبلغ تسعاً وثلاثين سنة؛ كل ذلك من أجل أن يستوفي حقه منها على حسب كلامه.
فمنهم من يؤخر زواجها من أجل راتبها، ومنهم يزيد المهر، فيكون الأم لها حق من المهر، والأخ له حق، والجدة والجد؛ أما النصيب الأوفر فهو للأب، والبنت لا تحصل من مهرها إلا على شيءٍ قليل. والواجب على الآباء الحرص على التبكير في تزويج البنت إذا كانت مؤهلة للزواج، وذلك من أجل الحفاظ على عرضها؛ وكذلك الحفاظ على عرض الشباب؛ لأن البنت عندما يتأخر زواجها فقد تقع فيما حرم الله -جل وعلا-، والشاب إذا تأخر زواجه يقع فيما حرم الله -جل وعلا-. فالتبكير في تزويج البنت وصرف النظر عن المغالاة في المهور مما يساعد على كثرة الزواج بين الشباب وبين الشابات؛ هذا من جانب.
ومن جانب آخر ما يعمل في حفلات الزواج وفي البيوت التي يستأجرونها فيحصل مغالاة وصرف مبالغ كثيرٌ منها؛ يعني: منه ما يكون من باب التبذير وهو ما صُرف فيما حرم الله -جل وعلا-، والله -تعالى- يقول: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}[4]، فجميع ما يصرفه الإنسان في الأمور المحرمة في حفلات الزواج فإن هذا من التبذير، ويكون الذي يصرف هذه الأمور هذه المبالغ يكون آثماً، وكذلك ما يكون من الإسراف وهو الزيادة عن الحد الذي يحتاج إليه، والله -تعالى- يقول: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[5].
فالمقصود هو النظر في هذا الموضوع من جميع أولياء البنات نظرةً عادلة لا يكون فيها إفراط ولا يكون فيها تفريط، وليعلم الشخص أنه عندما يؤخر زواجها أنها ستسأله يوم القيامة بين يدي الله -جل وعلا-. وبالله التوفيق.