هل ما نحن فيه من ضعف المسلمين يوجب علينا أن نكون كما كان عليه الرسول ﷺ في العهد المكِّي؟
- فتاوى
- 2022-02-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10869) من المرسل السابق يقول: العهد المكِّي الذي كان فيه المسلمون في غربة وضعف، وكان الرسول ﷺ لم يواجه، وصبر هو ومن معه من الصحابة على الأذى، هل ما نحن فيه الآن من ضعف المسلمين يوجب علينا أن نكون كما كان عليه الرسول ﷺ في العهد المكِّي ونعتبر أننا في العهد ذاته، وليس لنا مواقف قوية ضد أعداء الإسلام فنسكت أم ماذا نفعل؟
الجواب:
الرسول ﷺ قال: « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أمِن قلّة يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل تُنزع المهابة من قلوب عدوّكم ويوضع الوهن في قلوبكم. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت ». وروى الإمام مالك في موطّئه عن عبد الله بن مسعود أنه قال لرجل: إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل قرّاؤه، كثير من يُعطي قليل من يسأل، تُحفظ فيه حدود القرآن وتُضيَّع حروفه، يطيلون الصلاة ويقصرون الخطبة. وسيأتي زمان كثير قرَّاؤه قليل فقهاؤه، كثير من يسأل قليل من يُعطي، تُحفظ فيه حروف القرآن وتُضيَّع حدوده، يطيلون الخطبة ويقصرون الصلاة؟.
وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يَصلُحون إذا فسد الناس »، وفي رواية: « يُصلِحون ما أفسد الناس ».
وثبت عنه ﷺ أنه قال: « يأتي فتن في آخر الزمان يرقِّق بعضها بعضاً »[1]؛ إلى غير ذلك من الأدلة؛ وكذلك قوله -جلَّ وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[2].
فالمسلمون شيء، والإسلام شيء آخر؛ فانتساب الإنسان إلى الإسلام يحتاج إلى نظر من جهة أن هذا الانتساب إلى الإسلام هل هو متطابق مع ما يُطلب من هذا الشخص من ناحية تطبيقه للإسلام كل فيما يخصه ؟ أم أن هذا الشخص يوصف بأنه مسلم من أجل تسجيله في تابعيته أو في جواز سفره مثلاً، فاسُتثبت أنه مسلم. لكن صلاة لا يُصلي، زكاة لا يُزكي، لا يحجّ، لا يعتمر، لا يتورَّع عن ترك واجب، ولا يتورع عن فعل محرم؛ فالإسلام في حقيقته شيء، والانتساب إلى الإسلام شيء آخر.
وبناء على ذلك كله فإنه ينبغي النظر إلى واقع المسلمين الآن، ويجب على كل واحد منهم أن يعيد النظر في نفسه، فإذا كان عنده شيء من التقصير فإنه يجبر هذا التقصير.
ومن المعلوم أنه ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « احفظ الله يحفظك ». ويقول -تعالى-: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}[3] فأنت بمفردك إذا حفظت الله الذي كلفك به من جهة فعل المأمور به وترك المنهي عنه؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يجازيك بالحفظ فيحفظك عن جميع الأمور التي يمكن أن يكون عليك ضرر منها؛ سواء في حياتك، عند نزع روحك من بدنك، في قبرك، في جميع مواقف القيامة. يقول الله -جلَّ وعلا-: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[4] فلا شك أن تسلط الأعداء على المسلمين يُعتبر نتيجة من نتائج تقصير المسلمين؛ لأن تسلط الكفار على المسلمين هذا مُسَبّب؛ يعني: أثراً من آثار تقصير المسلمين في أمور دينهم. ولو أنهم استقاموا على دين الله -جلَّ وعلا- لكفّ الله عنهم جميع الكفار. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه أحمد في مسنده(11/47)، رقم(6503)، وابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن(2/1306)، رقم(3956).