Loader
منذ 3 سنوات

كيف نجمع بين قوله -تعالى-: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" وبين الحديث عنه ﷺ: « من سنّ في الإسلام سنةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة »؟


  • فتاوى
  • 2021-08-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (7114) من المرسلة هـ.ح.ح من القصيم، تقول: كيف نجمع بين قوله -تعالى-: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"[1] وبين الحديث عنه : « من سنّ في الإسلام سنةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة »؟

الجواب:

        من المعلوم أن الذنوب أسباب، وأن الحسنات أسباب، وأن الآثار المترتبة على الذنوب ترجع إلى المتسبب في هذه الذنوب؛ بمعنى: إن المباشر للذنب والمساعد على المباشرة المعين على المباشرة الذي يسهل الطرق للشخص في ارتكاب هذا الذهب؛ كلٌ منهما يكون عليه نصيبه، وهكذا بالنظر إلى الحسنات الذي يفعل الحسنة والذي يساعده على فعلها يكون -أيضاً- مأجوراً؛ لكن لابد من التنبه إلى تفاوت الأجر؛ لأن الله -جل وعلا- قال: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)"[2]، ويقول الله -جل وعلا-: "فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ"[3]، وقد يفعل الإنسان الذنب ويكون مقتصراً عليه؛ بمعنى: إنه لا يفعله أحدٌ سواه، يبتدئ فعل الذنب ولكن لا يفعله أحدٌ سواه، ولو فعله أحدٌ سواه لا يكون فعله هذا ناشئاً عن فعل ذلك الشخص. أما إذا عمل ذنباً وصار فعله لهذا الذنب تأسيساً لفعل من أتى بعد أو سنّ سنةً حسنة وكانت تأسيساً لمن أتى بعده يعمل هذه الحسنة؛ فإذا كان مؤسساً لهذه الحسنة -وليس المقصود أنه مشرع لها- لا ليس هذا هو المقصود ؛ لأن التشريع من جهة الله -جل وعلا-، فمثلاً أول من وقع منه القتل أحد ابني آدم لأخيه، فهو أول من حصل منه هذا. وعلى هذا الأساس فعليه وزر قتل أخيه، ووزر كل قتيلً يُقتل إلى يوم القيامة؛ يعني: يقتل ظلماً إلى يوم القيامة، وهذا فيه ناحيةٌ أخرى من جهة الأشخاص الذين يقومون بتأسيس أعمالٍ خيريةٍ ويقتدى بهم في تأسيس هذه الأعمال الخيرية فيكون لهم أجر التأسيس من جهة، ويكون لهم مثل أجر من عمل بهذا التأسيس، وقد يكون -أيضاً- الأمر هذا عاماً عموماً مطلقاً؛ مثل: ما عمل الصحابة رضي الله عنهم في جمع القرآن فإن هذه تعتبر سنة حسنة، فالذين سعوا في هذه الحسنة وأسسوها وبعد ذلك ظهرت إلى حيز الوجود ومستقرةٌ إلى أن تقوم الساعة فلهم أجر تأسيس هذه الفكرة من جهة، وأجر من مشى عليها إلى يوم القيامة. وبالله التوفيق.



[1] وردت في أماكن كثيرة وأولها في سورة الأنعام من الآية (164).

[2] الآيات (7- 8) من سورة الزلزلة.

[3] من الآية (40) من سورة العنكبوت.