Loader
منذ سنتين

نصيحة لمن ينوي الحج


الفتوى رقم (4010) من المرسل السابق، يقول: بم تنصحون المسلم إذا أراد أن يؤدي فريضة الحج قبل أن يتحرك من موطنه الذي هو فيه؟

 الجواب:

        الشخص عندما يريد أن يحج، فهو يحتاج إلى أن يتفقد نفسه؛ لأن الرسول ﷺ قال: « كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ». وقال ﷺ: « لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ». ولا شك أن هذا من رحمة الله -جل وعلا- بخلقه، فالشخص عندما يريد أن يتأهب للحج ينبغي له أن يتفقد نفسه، وأن يتوب إلى الله -جل وعلا- توبةً صادقة، يقلع من جميع الذنوب، والتوبة إن كانت من حقوق الله -جل وعلا- فلا بد أن العمل الذي عمله يندم عليه. وكذلك من شروطها: أن يعزم على ألا يعود إلى هذا العمل، فهو يتركه ويندم عليه، ويعزم على ألا يعود إليه. أما إذا كان في نيته أن يعود، أو أنه لم يقلع منه، ولكن تكون التوبة بلسانه، فهذه في الحقيقة ليست بتوبة.

        وإذا كانت من حقوق الآدميين فإنها تزيد شرطاً رابعاً، وهو أن هذا الشخص يرد مظلمته لأخيه المسلم، فإن كان مالاً وهو يستطيع أن يرده عليه يرده عليه، وإذا كان يترتب على رده مفسدة أعظم، فإنه يتصدق به على نية صاحبه، وإذا كان له حقٌ عليه من عرضٍ فإنه يستبيحه، وإذا كان يخشى أن استباحته يترتب عليها ضررٌ عظيمٌ، فإنه يدعو له، وإن شاء أن يتصدق عنه، لعل الله أن يعفو عنه. هذا بالنظر للتوبة.

        وكذلك ينبغي أن يتنبه إلى الكسب الذي يريد أن ينفقه على نفسه في الحج، فيكون حلالاً، فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً. فالرجل قد يرفع يديه يقول: يارب، يارب، يا رب، ومطعمه حرامٌ، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأّنى يستجاب له، فحينئذٍ يكون هذا الكسب حراماً.

        ومن المكاسب المحرمة الموجودة المكاسب الربوية، وكذلك ثمن الأشياء المحرمة، مثل: ثمن المسكرات، وكذلك المال الذي يكسبه الشخص من كونه قاطع طريق، أو مالٍ مسروق، أو ما إلى ذلك. المقصود أنه لا بد أن يتنبه إلى الكسب الذي يأخذه معه، ويحرص قدر الاستطاعة على أن يكون هذا الكسب طيباً. وكذلك من ناحية الرفقة، فعليه أن يختار رفقةً ينفعونه ولا يضرونه، فإن الرسول ﷺ قال: « المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ». ويقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: « لا يزال الصالح صالحاً حتى يُخالط فاسداً، فإذا خالط فاسداً أفسده ».

        وضرب النبي ﷺ مثلين للجليس الصالح للجليس السوء، فضرب مثلاً للجليس الصالح بأنه كبائع المسك، يعني: إذا مررت على بائع مسك، فإما أن تشتري منه، وإما أن يحذيك، أو يعطيك هدية مجاناً، وإما أن تجد منه رائحةً طيبة، فهذه ثلاث نتائج كلها طيبة، تتحصل عليها عندما تمر ببائع المسك. وهكذا القرين الصالح إما إن يعطيك من ماله، وإما أن تجد منه كلاماً طيباً. وضرب مثلاً للجليس السوء بأنه كنافخ الكير، ونافخ الكير إما إن تجد منه رائحةً كريهة، وإما أن يتطاير من لهب نار الكير على ثيابك فيحرقها, وهكذا الجليس السوء فإنك تتضرر به، فإذا كان الشخص معه قرينٌ في سفره للحج، وكان قرينه صالحاً، فإن هذا يساعده على أداء مهمته في الحج، وعلى الشخص أن يتقي الله -جل وعلا-ويراقبه في سره وفي علانيته، ويقوم بأداء فرائضه، ويمتثل أوامره، ويجتنب نواهيه.

        وإذا كان يجهل مناسك الحج، فإنه يحرص هو ورفقته على أن يكون معهم شخصٌ يبين لهم مناسك الحج قبل أن يفعلوا أي منسكٍ من المناسك، يأخذون كيفيته الشرعية من هذا الشخص، ويكون هذا الشخص عالماً بمناسك الحج، لا يكون جاهلاً فإن الأسئلة التي ترد في أيام الحج بعضهم يسأل ويقول: استفتيت فأفتيت بكذا، فيفتيه على خطأٍ، أو يقول معنا في مجموعتنا مطوع يصلي بهم الفرائض، ولكن تكون عنده جرأة، فيفتي بالحلال بأنه حرام، أو الحرام بأنه حلال، فعلى كل صاحب قافلة أن يحرص بقدر استطاعته أن يأخذ شخصاً يُبين مناسك الحج على وجهٍ صحيح، وإذا كان غير قادر فبإمكانه أن يأخذ منسكاً من المناسك المعتمدة، ويقرؤه على الناس. وبالله التوفيق.