Loader
منذ سنتين

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}، هل الفساد في هذه الآية معنيٌ به فترة معينة؟


  • فتاوى
  • 2022-01-24
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (9217) من المرسل ع. إ. ع من مكة المكرمة، يقول: قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[1]. سؤالي يا فضيلة الشيخ، هل الفساد في هذه الآية معنيٌ به فترة معينة؟

الجواب:

        خلق الله الملائكة من نور {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[2]، وخلق الله الجان من مارجٍ من نار، وخلق آدم من تراب: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[3].

وبدأت العداوة بين الشيطان وبين آدم وهما في الجنة، وأقسم إبليس في مواضع كثيرة من القرآن كما في قوله -جلّ وعلا-: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[4]، فالشيطان سار من حين طرده الله -جلّ وعلا- عن رحمته، وأخرجه من جنته يسير مع بني آدم إلى أن تقوم الساعة، وهو يعمل على طريقين:

        أما الطريق الأول: فهو حمل الشخص على فعل المحرمات.

        وأما الطريق الثاني: فهو حمل الشخص على ترك الواجبات. قد يصل بالشخص إلى الشرك الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الكفر الأكبر، أو الشرك الأصغر، أو النفاق الأصغر، أو الكفر الأصغر.

        وبناء على ذلك فكل شخصٍ من بنى آدم معه شيطان، كما قال ﷺ: « ما منكم من أحدٍ إلا ومعه شيطان، قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا، إلا أن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير ».

        وإذا نظر الشخص إلى السلسلة التاريخية وبخاصة ما ذكره الله -جلّ وعلا- عن الرسل وعن أممهم معهم، وعمل الشيطان من جهة إظلاله لكثيرٍ من دعتهم الرسل إلى محمد ﷺ، فالرسول يأتي وينقسم الناس في حقه إلى قسمين: قسم يؤمن به، وقسم يكفر به. والذي يكفر به هذا من إغواء الشيطان وحمله على الكفر هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن الشخص إذا اتصف بالإيمان لا بدّ أن يحصل منه من ارتكاب المعاصي لا تصل إلى درجة الكفر؛ لكن تكون معاصي في ترك واجب، أو في فعل أمر محرم؛ ولكن من فضل الله وإحسانه على خلقه أنه فتح لهم باب التوبة.

        وبناءً على كلّ ما تقدم: فقوله -جلّ وعلا-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[5] هذا راجعٌ إلى عموم الناس في كلّ زمانٍ وفي كلّ مكانٍ، وفي كلّ حال؛ لكن مع اختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص، فقد يكون الفساد قليلاً، وقد يكون كثيراً، والفساد، قد يكون في الشخص فقط، وقد يكون في الجماعة في الأسرة، وقد يكون -أيضاً- في الأمة. وقوله -جلّ وعلا-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ}[6] هذا من جهة أن الله -جلّ وعلا- يمنع الأرض ما تنبت، وفي البحر لا يتمكن الناس من إخراج ما فيه من السمك ومن الجواهر وغير ذلك. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (41) من سورة الروم.

[2] من الآية (6) من سورة التحريم.

[3] الآية (59) من سورة آل عمران.

[4] من الآية (82) من سورة ص.

[5] من الآية (41) من سورة الروم.

[6] من الآية (41) من سورة الروم.