Loader
منذ 3 سنوات

هل يأثم من يحب الضحك كثيراً ويضحك الناس ويتكلم كلاماً كثيراً في المجالس وليس في قلبه شيء؟


  • فتاوى
  • 2021-08-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (7122) من المرسل السابق، يقول: إذا كنت ممن يحب الضحك كثيراً وأحب أن أضحك الناس وأتكلم كلاماً كثيراً في المجالس ولكن ليس في قلبي شيء، فهل عليّ إثمٌ في هذا؟

الجواب:

        اللسان جارحة من الجوارح، وهذه الجارحة خلقها الله -جل وعلا- ولا بدّ للشخص أن يستعمل هذه الجارحة في وظائفها، ولا يجوز له أن يستعملها في الوظائف المحرمة، فقد جاء رجلٌ إلى الرسول ﷺ يسأله فقال له: « كُفّ عليك هذا » -يعني لسانه- قال: وإننا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم »[1].

        فمن المعلوم أن الإنسان يتكلم ولكن تارةً يُثاب على كلامه، وتارةً يُعاقب على كلامه، وتارة يكون كلامه لا يُثاب عليه ولا يُعاقب عليه وهذا إذا كان الكلام مباحاً، ولهذا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يُثاب عليها الإنسان، والإشراك بالقول يعاقب عليه الإنسان؛ وهكذا سائر ما يثاب عليه الإنسان ويعاقب عليه.

        واللسان كغيره من الجوارح يستعمله الإنسان على حسب الاعتياد، فمن عوّد لسانه إشغاله بما يعود عليه بالأجر نشأ على ذلك واستمر عليه، ولهذا لوحظ أشخاصٌ وهم في غمرات الموت يتلون كتاب الله ويذكرون الله -جل وعلا- وهم في سكرات الموت، وهكذا العكس عندما يعوّد لسانه على ما يعود عليه بالضرر في الدنيا وفي الآخرة فإنه يشب على ذلك ويستمر عليه.

        وعلى هذا الأساس فهذا الشخص السائل الذي امتهن هذه المهنة أنه يتكلم بالكلام يضحك به الناس، هذا الكلام الذي يقوله لم يذكره؛ ولكن هذا الخلق خلقٌ سيء من حيث الأصل، وقد جاء في الحديث: « إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً... »[2] وقد جاء في نهاية الحديث أن الرجل يعاقب عقوبةً عظيمة.

        فبناءً على ذلك فعلى هذا الشخص وأمثاله إذا جلس في مجلسٍ أن يتخلق بالأخلاق الإسلامية فيما يقوله وفيما يكف عنه، فإن معه ملائكة اثنان من العصر إلى الفجر، واثنان من الفجر إلى العصر، الذي على اليمين يكتب الحسنات، والذي على اليسار يكتب السيئات: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[3])، وإذا جاء يوم القيامة يُقال للشخص: "اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا"[4]. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أحمد في مسنده(36/345)، رقم(22016)، والترمذي في سننه، أبواب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة(5/12)، رقم(2616)، وابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة(2/1314)، رقم(3973).

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان(8/101)، رقم (6478).

[3] الآية (18) من سورة ق.

[4] الآية (14) من سورة الإسراء.