ما المراد بقوله -تعالى-: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ" من هم الأولون والآخرون؟ وما المراد بقوله: "وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ" إلى آخر الآية؟
- التفسير
- 2021-08-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7033) من المرسلة السابقة، تقول: ما المراد بقوله -تعالى-: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)"[1] من هم الأولون والآخرون؟ وما المراد بقوله: "وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ"[2] إلى آخر الآية؟
الجواب:
قوله -تعالى-: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)"[3]: الله سبحانه وتعالى بيّن أصناف الناس في سورة الواقعة فذكرهم ثلاثة أصناف: السابقون، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، وذكر السابقين وقال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)، ولمّا ذكر أصحاب اليمين قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)، والرسول ﷺ قال: « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي »، فقوله -جل وعلا-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) هذا فيه تنبيهٌ على أن عصر الصحابة رضي الله عنهم وكذلك عصر التابعين، وكذلك من قبلهم ممن اصطفاه الله -جل وعلا- ؛ لأن هذا تقسيمٌ للناس عموماً ممن اصطفاهم الله -جل وعلا- وساروا على الطريق السوي، فهذا فيه تنبيهٌ على كثرة المتمسكين وبخاصةٍ من هذه الأمة على كثرة المتمسكين بهذا الدين في عصر الرسول ﷺ، وكذلك ما بعده من العصر الذي قال فيه ﷺ: « خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم » قال الراوي: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة.
وقال ﷺ: « بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ »، فهذا فيه تنبيهٌ على أن المتمسكين بهذا الدين في آخر الزمان هم القلة، المتمسكون تمسكاً يتفق مع تمسك الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فقوله -جل وعلا-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ يعني: عدداً كثيراً، وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ هذا بالنظر إلى من جاء بعد ذلك، فالمتمسكون وفق تمسك الصحابة رضي الله عنهم قليل. ثم بعد ذلك ذكر أصحاب اليمين وهم درجةٌ أقل من السابقين، فذكر ثلة؛ يعني: عدداً كثيراً من الأولين وكذلك عدداً كثيراً من الآخرين. وبالله التوفيق.