يشعر أن أحد والديه لا يعدل بينه وبين أخته، هل يكون من أعوان الظالمين؟
- فتاوى
- 2021-08-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7062) من مرسلة لم تذكر اسمها تقول: أحياناً أشعر أن أحد والدي لا يعدل بيني وبين أختي ويفضلني عليها، هل أكون من أعوان الظالمين، علماً بأن هذا الأمر يحزنني كثيراً فماذا أعمل إن كان النصح لا يُجدي كما أنني لا أستطيع نصح والدي لغلظته، فماذا أصنع؟
الجواب:
يقول الرسول ﷺ: « لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى رجالٌ دماء قومٍ وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ».
وبناءً على هذا الحديث فإن كثيراً من الآباء أو الأمهات عندما يتكلم الواحد منهم عن معاملة أولاده معه لا يتكلم في معاملته هو لهم، فعندما يذكر مساوئ الأولاد معه، أو الأم تذكر مساوئ الأولاد معها لا تذكر مساوئها معهم، ولا يذكر الأب مساوئه معهم إذا كان يصدر من أي واحدٍ منهما إساءة، وهكذا بالنظر للأولاد عندما يتحدث الولد عن معاملة أبيه له، أو عن معاملة أمه له، ويذكر معاملةً سيئةً من أبيه أو معاملةً سيئةً من أمه؛ فإنه لا يتحدث عن الإساءة التي تحصل منه على كل واحدٍ منهما، وقد قال الله -جل وعلا-: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ"[1]، ومن العدل أن الإنسان إذا سأل فإنه يذكر التعامل من الجانبين.
وبناءً على ذلك كله فإن الشخص عندما يعامله والده معاملةً سيئةً، والولد مستقيمٌ على طاعة الله من جهة، ومؤدٍ لحق والده من جهةٍ أخرى؛ وهكذا الأم إذا كانت تتعامل مع ولدها ذكراً أو أنثى تتعامل معه معاملةً سيئة، والولد قائمٌ بحق الله من جهة، وقائمٌ بحق والدته من جهةٍ أخرى؛ فإن الأب يكون آثماً والأم تكون آثمةً، والولد يكون مأجوراً على بره لوالديه ؛ لأنهم يعاملونه معاملةً سيئة، وهو يعاملهم معاملةً حسنة؛ هذا بالنظر إلى معاملة الولد مع أبيه أو الولد مع أمه.
أما إذا كان فيه أولاد ويتفاوت تعامل الأب معهم، ويتفاوت تعامل الأم معهم؛ بمعنى: إن كل واحدٍ من الأب والأم يفضل بعض الأولاد على بعضٍ، فقد قال رسول الله ﷺ: « اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم »، فكما أن الولد مأمورٌ بمعاملة والديه بما دل عليه قوله -تعالى-: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)"[2]، ويقول -جل وعلا-: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"[3] هذا إذا كانا كافرين أو مشركين مثلاً، فهذا هو الذي يتعين على الولد من ناحية معاملته لوالديه؛ أما بالنظر لمعاملة الوالد مع أولاده فقد قال ﷺ: « اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم »، وقال ﷺ: « ما نحل والدٌ ولداً من نحل أفضل من أدب حسن »، فمن المعلوم أن الأولاد رعية لوالدهم؛ وكذلك رعية لوالدتهم، فقد قال ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ألا وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته » فكلٌ من الوالد والوالدة استرعاه الله -جل وعلا- على هؤلاء الأولاد يقوم بحقوقهم الواجبة من جهة، يؤدبهم الآداب الشرعية من جهةٍ أخرى، لا يعمل جوراً بين بعضهم لبعضٍ؛ لأن هذا يحدث أثاراً سلبية، فقد ينشأ عنه عقوقٌ من الولد لوالده أو من الولد لوالدته، وقد تنشأ عداوة بين الأولاد الذين يُفضلون ينشأ في نفوسهم عداوة على المُفضلين أمام والدهم أو أمام والدتهم؛ فالمقصود أن المتعين على الوالد وعلى الوالدة وعلى الأولاد أن يسير كل واحدٍ منهم على طريق؛ هذا الطريق هو أن يعرف ماله تجاه الآخر فيطلبه منه، وما عليه فيؤديه له. وبالله التوفيق.