حكم إسقاط الأب الدين عن ولده
- فتاوى
- 2021-06-22
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (471) من المرسل م-م-ن-ب من حلب، يقول: كان عند أبي محل تجاري، وكنت أعمل فيه بأجر معلوم وكانت حالتي المادية ضعيفة؛ مما اضطرني أن أستدين من المحل حوالي (4000 ليرة)، ثم ترك والدي المحل واشتغل في بناء العقارات فأخذ يساعدني دون أجر؛ ولكن نتيجة ضعف إمكانيتي المادية، وعدم استطاعتي للوفاء صرّح أبي بأنه سامحني بذلك المبلغ، وبعد مدة اضطررت لشراء بيت فاستدنت من بعض الأشخاص ومنهم والدي (3000) ليرة، وفي هذه الأثناء قمت بمشروع بناء فأخذ يساعدني دون أجر فصرح أثناءه أنه سامحني بالمبلغ الثاني، فهل والدي مصيب في مسامحته إياي؟ علماً أن لي إخوة بنين وبنات لكن لم يساعده غيري، أم علي أن أرد هذا المال لأبي لكيلا يكون جائراً بحق إخوتي؟ وإذا كان كذلك هل يجوز أن أدفع المال زكاة عن أمواله التي لا يزكيها دون علمه بذلك؟
الجواب:
الأصل في هذا الباب وجوب تسوية الأب بين أولاده، لعموم قول الرسول ﷺ: « اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم »، وبناء على هذا الأصل يجب على والدك التسوية بينك وبين إخوتك، اللهم إلا إذا كان عملك عند والدك قد نويت في قلبك أنك تعمل عنده بأجرة، أو حصل بينك وبينه اتفاق على الأجرة؛ أما إذا عملت ذلك على سبيل التبرع؛ فإنك لا تستحق على ذلك أجر.
وعليه: فإما أن ترد المبلغ إلى والدك، وإما أن تنبّه والدك على أن يساوي بينك وبين إخوتك؛ سواء كانوا ذكوراً أو كانوا إناثاً.
وإذا كنت قد أضمرت في قلبك أنك تعمل بأجرة عنده، أو أنك اتفقت معه على أجرة، فإنك تستحق عليه أجرة المثل في حالة ما إذا نويت أنك تشتغل عنده بأجرة، وإذا كان هناك اتفاق فعلى حسب ما اتفقتما عليه.
وبناء على هذا الأساس فإن كان ما دفعه لك مساوياً لأجرتك فإنك تأخذه ولا شيء فيه، وإذا كان زائداً عن أجرتك فإنك تدفع الزائد إليه، أو يدفع لإخوتك لكلّ واحد منهم؛ يعني: يساوي بينك وبينهم.
وأما ما ذكرته من أنك تريد أن تدفع هذا المبلغ زكاة عن مال والدك؛ بناء على أنه لا يخرج الزكاة، فالزكاة ركن من أركان الإسلام، وقد جاءت أدلة من القرآن والسنة تدل على التحذير والترهيب لمن لا يدفع الزكاة وقد قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) "[1]، فعليك أن تحذّر والدك وتنبّهه على أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وأنه يجب عليه أن يعيد النظر في جميع أمواله التي تجب فيها الزكاة ويخرج الزكاة منها، وعليه أن يتصل بطالب علم من أجل أن يتفاهم معه عن المقدار الواجب في الزكاة عليه من جهة، ومن جهة أخرى عن مصارف الزكاة حتى تبرأ ذمته في ذلك.
أما إخراجك الزكاة عنه فهذا يحتاج إلى نية منه؛ يعني: تتفق معه على أنك تريد أن تخرج هذا المبلغ زكاة عنه، فإذا أذن في ذلك فالإخراج يكون صحيحاً، ويجب أن تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية المذكورة في سورة براءة في قوله تعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ"[2]، وإذا أخرجتها بدون علم منه على أنها زكاة عنه فإنها لا تُجِزئ؛ لأن الزكاة عبادة من العبادات، والعبادة مبنية على التوقيف، فلا يجوز أن تنوب عنه بدون علم منه في ذلك وموافقته. وبالله التوفيق.