Loader
منذ سنتين

حكم القرض إذا جر نفعاً


الفتوى رقم (3900) من المرسل م. ز، من تبوك، يقول: أعمل موظفاً بإحدى الشركات، ولكن هذه الشركة لها نظامٌ خاصٌ في دفع راتب الإجازة، حيث إنها لا تدفع للموظف الذي يمنح إجازته السنوية راتبه إلا بعد عودته من الإجازة، والحل الثاني هو أن يقوم الموظف المُجاز بأخذ راتبه من أحد زملائه الموظفين مُقابل أن يعطيه وكالة استلام راتبه، إلا أنه لا يوجد أي زميلٍ يمكن أن يُعطي زميله المجاز راتبه مقابل الوكالة، بدون أن يأخذ الأول فائدة على ماله الذي سيقدمه لزميله المجاز. فمثلاً إذا كان راتبي ألفي ريال، فإن علاوة معينة تصرف لي وهي خمسمائة ريال عند سفري إجازة، وتُضاف إلى راتب الإجازة، ليصبح راتبي ألفي وخمسمائة ريال، ولكن عند حصولي على من يقرضني راتبي، فإنه لن يقرضني سوى ألفي ريال، والخمسمائة ريال الأخرى يقول: إنها مقابل القرض، ولظروفٍ خاصة أوافق على شروطه، ثم إن نفس الأشخاص الذين يقرضون المُجاز مقابل الفائدة المُشار إليها، يقومون ببيع سياراتٍ مستعملة مقابل أرباحٍ خيالية. فمثلاً إذا كانت عندهم سيارة تستحق خمسة آلاف ريال نقداً، فإنهم يبيعونها بالتقسيط بتسعة آلاف ريال، هل هذا العمل الأول والثاني مباح؟

الجواب:

        أما المسألة الأولى: فإنها من باب القرض الذي جرّ نفعاً، والقرض عقدٌ من عقود الإحسان. ومن عقود الإرفاق، مثل: الكفالة. فالكفيل لا يأخذ أجراً مقابل كفالتهن، والمقرض لا يأخذ أجراً على قرضه، وإذا أخذ أجراً على قرضه فإنه ربا، فإن كل قرضٍ جرّ نفعاً فهو ربا.

        وبناءً على ذلك فلا يجوز لك أن تقدم على الاقتراض، ولا يجوز لأحدٍ أن يقرضك على هذا الوجه.

        أما المسألة الثانية: فهي من باب البيع إلى أجل، والأشخاص الذين يتعاملون بالبيع إلى أجل منهم من يريد الإحسان بمن يشتري منه إلى أجل، فيُحسن إلى الشخص الذي يشتري منه، فيأخذ عليه فرقاً قليلاً عن ثمن السلعة حاضراً، فإذا كانت بعشرة آلاف يعطيها إياه بعشرة آلاف وخمسمائة إلى مدة سنة، وبعض الناس ينتهز فرص اضطرار الأشخاص الذين يحتاجون إلى مادةٍ، فيبيع عليهم السلعة بقيمتها مرتين، أو ثلاثاً، أو أربعاً؛ لأنه يعلم أن هذا الشخص الذي جاء من أجل أن يشتري منه إلى أجلٍ لن يجد أحداً يشتري منه إلا هذا الشخص، وهو في هذه الحالة يغتنم الفرصة، وهذا العمل لا ينبغي؛ لأن هذا ليس من الصفات المحمودة، والله -تعالى- يقول: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[1]، فهذا من باب الإساءة إلى الغير؛ لأنه ظلمه بكثرة أخذ هذا الربح. ويجري مجرى ذلك ما يفعله كثيرٌ من أصحاب المتاجر عندما يأتي صبيٌ أو امرأة لا تحسن أن تُماكس، أو عندما يأتي شخصٌ أجنبي من البلد لا يعرف مماكسة الناس، فيزيدون عليه في السلعة زيادةً باهظة، فهذا العمل لا يجوز للإنسان أن يعمله، فإذا جاءه شخصٌ حاذقٌ وفاهمٌ اتفق معه على سعرٍ بحدٍ أدنى. وإذا جاء صبيٌ، أو امرأة، أو شخصٌ جاهلٌ بالسعر، فيبيع عليه السلعة بثمنها مرة ونصف، أو مرتين، أو ثلاثاً، وينتهز ذلك فرصة. والرسول ﷺ قال: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ». فكما أنك لا تحب أن يقع عليك ذلك من غيرك، فلا ينبغي أن يقع منك على غيرك. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (195) من سورة البقرة.