Loader
منذ سنتين

ما صحة الحديث مع شرحه:" أن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ما يكون بينها..."؟


الفتوى رقم (8825) من المرسلة السابقة، تقول: ما صحة هذا الحديث وأرجو شرح معناه «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها»[1]؟

الجواب:

        هذا الحديث ثابت عن رسول الله ﷺ، ومن المعلوم: « أن أول ما خلق الله القلم، فقال له: أكتب، قال: ما أكتب؟، قال: أكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة »[2] فجرى في تلك الساعة بإذن الله -جل وعلا- بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، والله -سبحانه وتعالى- «حين خلق آدم مسح ظهره واستخرج من ذريته؛ يعني: قبض قبضة من ذريته وقال هؤلاء ولا أبالي إلى الجنة ثم مسحه أخرى وقبض قبضة أخرى وقال هؤلاء ولا أبالي إلى النار»[3]، ويقول ﷺ: «إن الله خلق للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً وهم في أصلاب آبائهم»[4]، ولما ذكر الرسول ﷺ ما جرى به القلم، وكذلك ما حصل من أخذ الميثاق، وكذلك ما حصل من قبضة اليمين وقبضة الشمال سألوه كيف العمل فقال: « اعملوا فكل ميسر لما خُلق له »، أما أهل السعادة فميسّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فميسّرون لعمل أهل الشقاوة، أما الحديث الذي ذُكر فإن الإنسان قد يعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس فيختم له بخاتمة حسن بحسب ما يضمره، وكذلك بالنظر إلى الشخص الذي يعمل بعمل أهل الجنة قد يكون ذلك بحسب نظر الناس مثل المنافقين الذين يعملون أمام الناس من طهارة وصلاة وزكاة وصيام ولكنهم كفار في قلوبهم فيختم لهم بخاتمة سيئة بالنظر إلى ما كانوا يبطنونه في قلوبهم من الكفر بالله -جل وعلا-، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة(4/111)، رقم (3208)، ومسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (4/2036)، رقم(2643)، واللفظ له.

[2] أخرجه أحمد في مسنده(37/381)، رقم(22707)، واللفظ له، وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في القدر(4/225)، رقم(4700)، والترمذي في سننه، أبواب القدر (4/457)، رقم(2155).

[3] ينظر: ما أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في القدر(4/226)، رقم (4703)، والترمذي في سننه، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأعراف (5/266)، رقم (3075).

][4 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (4/2050)، رقم(2662).