معنى حديث « من اقتطع حق أمريء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار..... »
- شرح الأحاديث
- 2021-12-22
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (4558) من المرسل أ. ع مصري مقيم في الرياض، يقول: ما معنى حديث الرسول ﷺ الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، قال رسول الله ﷺ: « من اقتطع حق أمريء مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرّم عليه الجنة، فقال له رجل: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيراً، قال: وإن قضيباً من أراك »[1] وجهونا حول هذا الحديث، وعن معناه يحفظكم الله؟
الجواب:
العلاقات التي تقوم بين الناس مفروضٌ فيها من جهة التطبيق أن تكون موافقة لمقتضى التشريع، فالتطبيق يكون موافقاً للتشريع، والشارع وضع الأسباب المشروعة ورتّب عليها المسببات، وبين الأسباب التي ليست بمشروعة ولو ترتبت عليها مُسبباتها من جهة القضاء مثلاً، فإن ترتيب المسبب على هذا السبب لا يجعله حلالاً.
فالناس إذا تعدى بعضهم على مال بعضٍ سواء كان هذا المال من ناحية النقود أو كان هذا المال من ناحية أرضٍ مثلاً والشخص المعتدى عليه ليس عنده بينه بأن هذا تعدى عليه، والرسول ﷺ قال: « البينةُ على المدّعي واليمين على من أنكر »[2].
فعندما يدّعي شخصٌ على شخص بأنه اقتطع شيئاً من ماله تُطلب منه البينة وإذا لم يُحظر البينة وأنكر المُدعى عليه فما للمُدّعي إلا يمين المُدعى عليه، فيحلفُ المُدعى عليه بأن هذا المُدّعي ليس له حقٌ عند هذا الشخص، بهذا اليمين يكون هذا الشخص قد اقتطع جزءاً من حق غيره وأضافه إلى حقه إلى مُلكه، فاليمين هو السبب لكن هذا يمين ظلمٍ وهذا الشخص ظلم من جهة نفسه وظلم المُدّعي وتساهل بالله جل وعلا حيث تجاوز وحلف بالله جلّ وعلا مُتعمداً وهو كاذبٌ، فهذه أمورٌ اجتمعت عليه صارت سبب في غضب الله جل وعلا عليه فيُرّتب الله جلّ وعلا عليه العقوبة التي يستحقها، ولا يُنظر إلى كون محل الدعوى قليلاً أو كثيراً؛ لأن هذا الشخص تجاوز وحلف بالله جل وعلا وهو كاذبٌ، ولهذا قال الرسول ﷺ: « وإن كان قضيباً من أراك »، يعني عود الأراك الذي هو السواك؛ يعني: لو كان من اليسر بقدر حجم السواك لكنه أخذه ظلماً بهذا اليمين، فإن الله يُرتّب عليه العقوبة التي يستحقها.
وهذا يُنبهُ على أنه ينبغي على المسلم أن يتنبه لنفسه وأن يحرص بقدر الاستطاعة أنه لا يأخذُ شيئاً من حق غيره ويضيفه إلى نفسه هو ويضيفه إلى أولاده فيكون حلاله لهم ويكون عقابه عليه هو، ولا يتساهل بإمهال الله جل وعلا فإن الله جل وعلا يُمهل ولا يُهمل ولهذا يقول الله جلّ وعلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[3]، ويقول في الحديث القدسي: « إذا رضيتُ باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا غضبت لعنت ولعنتي تدرك السابع من الولد »[4].
فحينئذٍ يتنبه الإنسان ويحرص بقدر ما يمكنه ألا يتجاوز حدود الله جلّ وعلا. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (1/123)، رقم(137).
[2] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى(10/ 427)، رقم(21201)، وأصله عند الترمذي أبواب الأحكام، باب ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (3/618)، رقم(1341).