Loader
منذ 3 سنوات

حكم الزوج الذي يلزم زوجته بأخذ حبوب منع الحمل وبعد سنوات أثرت عليها ولم تعد تستطع الحمل وأراد الزواج من غيرها


الفتوى رقم (1533) من المرسلة ن. ع. غ سعودية، تقول: أنا زوجة وأبلغ من العمر ثلاثين عاماً، ولدي أربعة أطفال بنت وثلاثة أولاد، وعندما تزوجت أنجبت في كلّ سنة طفل، وعند طفلي الأخير قال زوجي: أنا لا أريد الأطفال؛ لأنني مشغول وسأحضر لك حبوباً تمنع الحمل، وكنت خائفة لأنني أسمع أنها مضرة جداً؛ ولكن حاولت أن أستعملها حتى أُرضي زوجي، وحتى لا يتضايق مني ومن أطفالي، ومرت السنوات الطويلة، وفُوجئت أنه يقول لي: اتركيها، وفعلاً تركتها، ومرت السنوات ولم أنجب، وذهبت إلى مستشفى كي أعرف السبب، فقرروا لي عملية قيصرية، وأخبروني بأني بعدها سأنجب الأطفال، وترددت كثيراً لهذه العملية، وقررت أن أعملها رضاً لزوجي، ومرت ثلاث سنوات ولم يُرِد لي الله بالأطفال، والآن فوجئت بأن زوجي سيتزوج بامرأة أخرى، وعندما سألته عن السبب قال: إنه يريد أطفالاً، فقلت له: المفروض أنك تُعالجني بعلاجٍ آخر حتى لو لم يكن موجوداً بالسعودية، فإنه يمكن أن يوجد بالخارج، حتى لا يكون لك عليّ حُجَّة، ولا لي حجة عليك، فرفض ذلك وقرر الزواج، أفيدوني ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً، وأنا الآن في مشكلة أنا وأولادي.

الجواب:

        هذه المسألة لها أهمية كبيرة بالنظر إلى أن كثيراً من النساء يعملن هذا الشيء، فمن النساء من تستعمل الحبوب من أجل صيام رمضان، ومنهن من تستعمل الحبوب من أجل الاستمتاع فيما بينها وبين زوجها، ومنهن من تستعمل الحبوب إذا أرادت العمرة أو الحج، ومنهن من تستعمل الحبوب لمنع الحمل، أو من أجل تأخيره فترة من الزمن. من النساء من تستعمل ذلك بغير علمٍ من زوجها، ومنهن من تستعمل ذلك بعلمٍ من زوجها وموافقته. ومن الأزواج من يفرض على زوجته استعمال الحبوب لسببٍ أو لآخر.

        واستعمال الحبوب -في الحقيقة- أصبح من المشاكل الاجتماعية التي نشأ عنها أمور تتعلق بالنساء، وأنا أذكر بعض النماذج لذلك:

        ينشأ عن استعمال الحبوب اضطراب العادة الشهرية، وهذا الاضطراب على نوعين:

        النوع الأول: أن يأتي الدم فترة ثم ينقطِع فترة ثم يأتي فترة وهكذا؛ يعني: لا يأتي باستمرار.

        النوع الثاني: أن تتغير العادة من ناحية الزيادة؛ لأنها تستعمل الحبوب فترة ثم تترك استعمالها، ثم بعد ذلك تأتي العادة، فبدلاً من أن تكون سبعة أيام تكون خمسة عشر يوماً، وهذا حصل بالفعل.

        وفيه نوع تستعمله النساء يسمونه اللولب، وهذا أيضاً يُحدِث ارتباكاً في العادة إذا تغيرت عادة المرأة إذا طالت -مثلاً- نشأ عن ذلك أنها تترك الصلاة، وإذا حصل هذا في رمضان تركت الصلاة والصيام، فبدلاً من أن تكون العادة الطبيعية سبعة أيام تترك فيها الصلاة في غير رمضان، وتترك فيها الصلاة والصيام في رمضان، أصبحت تترك الصلاة في غير رمضان خمسة عشر يوماً، وهي السبب في ذلك، وتترك الصلاة والصيام خمسة عشر يوماً في رمضان مثلاً، وهي السبب في ذلك؛ فينشأ عن استخدام الحبوب أضرار دينية؛ بالإضافة إلى ما ينشأ عنها من أضرار صحية.

        فأنا أنصح بعدم استعمالها لما يترتب عليها من الآثار الصحية والدينية، على حسب التجربة التي حصلت، وهذه التجربة هي نتيجة من أسئلة من يسأل عن هذه الأمور؛ هذا من جهة استعمال الحبوب. وبهذا يتبيّن أن إلزام زوجها لها في استعمال الحبوب لا يجوز له ذلك، وكونه يقول: إنه ليس بفارغٍ من ناحية القيام على شؤون الأولاد، فهذا ليس بمبرر في الحقيقة، فالحاصل أنه آثم في عمله هذا.

        وأما من جهة ما ذكرته من أنه اقترح عليها إجراء عملية قيصرية، وبعد إجراء العملية يُمكِنها أن تحمل، فإجراء العملية ليس فيه شيء من الناحية الشرعية؛ وأما ما ذكرته من اقتراحها على زوجها أن يُعالجها؛ سواءٌ أكان هذا في الداخل؛ أو في الخارج؛ فنظراً أنه هو المتسبب في ذلك من جهة إجبارها على استعمال الحبوب، وأن هذا الأمر ناشئ من استعمال الحبوب؛ فإنه يجب عليه أن يُعالجها؛ لأنه هو المتسبب في ذلك. أما من حيث الأصل فإنه لا يجب على الزوج أن يُعالج زوجته إذا لم يكن المتسبب فيما حصل عليها؛ لكن هذا الرجل هو المتسبب في ذلك، ولهذا قلت: إنه يجب عليه العلاج؛ أما علاجها إذا لم يكن متسبباً، فإنه من باب مكارم الأخلاق ومحاسن العادات. وبالله التوفيق.