صحة حديث (رحم الله امرأ جب الغيبة عن نفسه) و(داروا سفهاءكم)
- شرح الأحاديث
- 2021-07-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (6628) من المرسل ع. ج سوري مقيم في المملكة يقول: ما صحة هذين الحديثين: « رحم الله امرأ جب الغيبة عن نفسه »[1] والحديث الثاني: « داروا سفهاءكم »[2]؟
الجواب:
الله -جل وعلا- يقول في محكم كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"[3]، وجاءت أدلة كثيرة من السنة دالة على تحريم الغيبة، فتحريم الغيبة ثابتٌ بأصولٍ قطعيةٍ لا شك فيها، والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره ؛ لأن فيه نوعاً من الناس يحبون أن يسيئوا إلى غيرهم بذكر مساوئهم، يذكرون هذه المساوئ قد يذكرونها عند أشخاص يكون لها تأثيرٌ على أولئك؛ بحيث إن تذكر عند شخصٍ مسؤولٍ فحينئذٍ لا يجوز للإنسان أن يغتاب أخاه، وعندما يغتابه فإنه لا بدّ أن يستبيحه إذا تمكن من ذلك، وإذا ما تمكن فإنه يدعو له ويتصدق عنه.
أما بالنسبة للسفهاء فالمعلوم أن الإنسان له أطوارٌ في حياته، وجاءت أدلة دالة على تقرير أصل،ٍ وهذا الأصل هو أن الشباب شعبة من الجنون؛ بمعنى: إن الشاب يتصرف تصرفات عشوائية؛ سواءٌ كانت هذه التصرفات العشوائية راجعة إلى أمورٍ عقلية، أو إلى أمور دينية، أو إلى أمور مالية، أو إلى أمورٍ بدنية، أو إلى أمورٍ أخلاقية، فتجد أنه يشرب الخمر ويكون مسروراً وهذا له تأثير على عقله ولكنه لا يفكر. وتجده يبذر المال، وتجده يكسب المال من وجوه محرمة كالسرقة مثلاً؛ ولكن لا يكون عنده تصور بأن هذا العمل حرام، وهكذا بالنظر إلى اعتدائه على أحدٍ من ناحية نفسه، فتجده يقدم على ضرب الشخص، أو على قتله، أو على قطع عضوٍ من أعضائه، أو إلى إزالة منفعةٍ من منافع بدنه، ويكون حين مباشرة هذا الأمر مسروراً؛ وهكذا بالنظر إلى سلوكه الأخلاقي. وقد يفعل اللواط، وقد يفعل الزنا ولكن يكون مسروراً في مباشرته لهذه الأمور؛ وهكذا بالنظر لأمور دينه فتجد أنه لا يصلي ولا يصوم ومع ذلك يكون مسروراً، بعدما يطول عمره ويبلغ الحد الذي يتم فيه عقله: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً"[4] بعد ذلك يرجع إلى نفسه، ويرجع إلى شريط حياته من هذه الوجوه التي ذكرتها، ويندم على ما صدر منه من أعمالٍ ويقول: كيف أنا أعمل هذه الأعمال؟
فقصدي من هذا الكلام كله هو تقرير هذا الأصل، وهو أن الإنسان له طور يكون سفيها.ً وهذا الأصل متقرر في القرآن وفي السنة. وبالله التوفيق.