صحة عبارة: اختلاف العلماء رحمة
- التعارض والترجيح
- 2021-12-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7739) من المرسل السابق، يقول: اختلاف العلماء رحمة، هل هذه العبارة صحيحة وما معناها؟
الجواب:
من المعلوم في هذه المسألة أن الحق عند الله واحد، وأن الله -سبحانه وتعالى- أنزل القرآن، وقال للرسول ﷺ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[1] الآية.
ومن المعلوم أن القرآن يبيّن بعضه بعضاً، وأن السنة يبيّن بعضها بعضاً، وأن السنة مبينةٌ للكتاب، وأن العلماء هم ورثة الأنبياء، ولكن تختلف درجاتهم في العلم.
ومن الأمور الملاحظة في هذا الباب أن بعض الناس الذين ينتسبون إلى العلم لا يعرفون قدر أنفسهم من ناحية ما تحصلوا عليه من العلوم، ونتيجةً لذلك فإنه يضع نفسه في غير موضعها الحقيقي فيدّعي من العلم ما ليس فيه.
وبناءً على ذلك قد يحصل اختلافٌ بين هذا الشخص وبين من هو أعلى منه في العلم، والحقيقة أن العلماء الذين يُعتدُ بخلافهم هم العلماء المتمكنون من العلم الذي يحصل فيه الخلاف، فقد يحصل الخلاف في مسألةٍ من مسائل الفقه، أو من مسائل العقائد، أو من مسائل التفسير، أو الحديث، أو مصطلح الحديث، أو غير ذلك من المسائل العلمية؛ فلا بدّ أن يكون الخلاف حاصلاً بين شخصين متماثلين في العلم الذي يحصل في مسألةٍ من مسائله الخلاف. والعلماء المتقدمون -رحمهم الله تعالى- وقبلهم الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يختلفون فيما بينهم؛ لأن كل صاحب علمٍ لا يمكن أن يكون قد جمع بين جميع ما دل عليه القرآن، وجمع -أيضاً- بين سنة الرسول ﷺ وما دلت عليه، وكل عالمٍ يكون محصلاً لما يسر الله له من العلم.
فالمقصود أنه ليس كل خلافٍ معتبر؛ وإنما الخلاف المعتبر هو ما تقاربت فيه الأدلة من الفريقين، فإذا تقاربت الأدلة من الفريقين من ناحية الطريق، ومن ناحية الدلالة، وكذلك من ناحية البقاء، حينئذٍ يُنظر في هذا الخلاف. وأما إذا كان الخلاف ضعيفاً؛ أو كان أحد القولين لا يستند إلى دليلٍ أصلاً، أو يستند إلى دليلٍ ضعيف، أو يستند إلى دليلٍ منسوخ أو إلى دليلٍ مخصص أو إلى دليلٍ مقيد؛ إلى غير ذلك مما هو غير خافٍ على أهل العلم؛ فحينئذٍ لا يكون هذا الخلاف معتبراً. وبالله التوفيق.