في الحديث أن أهل الجنة معروفون وأهل النار معروفون، وأن علينا أن نعمل ونسدد ونقارب؛ فهل يعني أنه مهما عملنا فأمرنا مكتوب معروف؟
- القدر
- 2022-03-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11872) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: جاء في الحديث أن أهل الجنة معروفون وأهل النار معروفون، وأن علينا أن نعمل وأن نسدد وأن نقارب؛ لأن الجنة والنار تختم للعباد بأحدهما. ولكن لازال عندي إشكال في فهم ذلك؛ لأنه يوحي أنه مهما عملنا فأمرنا مكتوب معروف، ولقد قال رسول الله ﷺ: « إن الله قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى قال: هذه لهذه، وهذه لهذه. ولا أُبالي » وكيف نرد على من ظن أن هذا يتنافى والعدل الظاهر منه -سبحانه وتعالى-؟
الجواب:
هذا الموضوع الأصل فيه هو النظر إلى علاقة أعمال العباد بالله، وعلاقة أعمال العباد بالعباد.
فإذا نظرنا إلى علاقة أعمال العباد بالله -جل وعلا- وجدنا أنها مكتوبة في اللوح المحفوظ، والله علم أن هذا الشخص يُولد ويعمل هذه الأعمال باختياره؛ يعني: باختيار هذا العبد ؛ فإذن الله -جل وعلا- لم يُجبر العبد على هذه الأعمال؛ وإنما كتبها حسب علمه بأن هذا العبد سيعمل هذه الأعمال فلها صلة بالله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[1] لكنه ترك الخيار للعبد كما قال -جل وعلا-: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[2].
أما علاقة الأعمال بالعباد فإنها كسبهم كما قال -جل وعلا-: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[3].
وإذا نظرنا إلى الثواب المترتب في الدنيا ونظرنا إلى العقاب المترتب وجدنا أن هذا الثواب مرتب على عمل العبد الذي عمله باختياره، وأن هذا العقاب -سواء كان العقاب دنيوياً أو كان العقاب أُخرويًا- فإنه مرتب على العمل الذي عمله العبد باختياره.
فإذن الله -سبحانه وتعالى- لم يُجبر عباده كما تقوله الجبرية. ولا نقول: إنه ليست له علاقة في أعمال العباد مطلقًا؛ لأن هذه المسألة لها علاقة -أيضاً - بوسطية هذه الشريعة، ولهذا عقيدة أهل السنة والجماعة في أعمال العباد كما وصفتها من ناحية علاقة الأعمال بالله، ومن ناحية علاقة أعمال العباد بالعباد. وبالله التوفيق.