حكم ذبح الهدي قبل يوم العيد
- الحج والعمرة
- 2021-06-21
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (404) من المرسل ع.ع.ع من المدينة المنورة يقول: ما حكم ذبح هدي التمتع أو القِران قبل يوم العيد؟
الجواب:
بعض الحجاج قد يُوجّهون إلى أنه يجوز الذبح لهدي التمتع والقِران قبل يوم العيد، وهذا التوجيه ليس بصحيح، حتى قيل لي: إن بعض الحجاج يبدأون بذبح الهدي للتمتع والقِران من يوم خروجهم من بلادهم، فإذا وصلوا إلى مكة يكونون قد أنهوا ما وجب عليهم من هدي التمتع أو القران، وهذا عمل ليس بصحيح؛ لأن هدي التمتع أو القِران عبادة من العبادات، والأصل في العبادات التوقيف، والرسول ﷺ حج حجة واحدة، وبيّن فيها مناسك الحج بأقواله وأفعاله وتقريراته؛ سواء فيما يتعلق بنفسه، أو فيما يتعلق بالناس الآخرين.
ومن ذلك الهدي، فإنه ﷺ كان قارناً، وساق معه من الهدي ثلاثاً وستين، وجاء عليّ بسبع وثلاثين، فتم هديه مائة بدنة، فبدأ بذبح هديه يوم العيد، والصحابة الذين كانوا معه - وكانوا يزيدون على مائة وعشرين ألفاً -كلهم كانوا يتلمسون هديه في ذلك، فما نُقِل عن أحد منهم نقل صحيح أنه ذبح قبل يوم العيد، وإمامهم في هذا الرسول ﷺ، ولم ينقل أنه أذن لأحد منهم.
فالواجب هو اتباع هديه ﷺ في ذلك، وأن الشخص لا يقدّم ذبح هديه قبل وقته؛ لأنه إذا قدّمه قبل وقته لا يكون مبرئاً لذمته.
وعلى من رأى أحداً يفعل ذلك أن ينكر عليه؛ لعموم قوله ﷺ: « من رآى منكم منكر فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه »، والمؤمنون إخوة، ولا بدّ من وجود المودة والرحمة والتعاون فيما بينهم، فالرسول ﷺ يقول: « مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى »[1]، وقال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"[2] وهذا بالنسبة للأشخاص الذين يرون هذا المنكر.
أما بالنسبة للأشخاص الذين قد يدعون إلى هذا المنكر ويسوغونه للحجاج- سواء كانوا من رفقتهم، أو من غيرهم -فعليهم أن يتقوا الله وأن يقفوا عند أوامره ونواهيه، فلا يجوز لهم أن يقولوا على الله -جلّ وعلا- بغير علم، وقال تعالى لنبيه محمد ﷺ: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ"[3]، وقال تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" إلى قوله تعالى: "وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"[4].
فعلى العبد أن يتقي الله -جلّ وعلا-، وألّا يفتي بهذا الأمر؛ لأن هذه الفتوى مخالفة لهدي الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- هديه من جهة القول، وهديه من جهة الفعل، وهديه -أيضاً- من جهة التقرير. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم(8/10)، رقم (6011)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم(4/1999)، رقم(2586)، واللفظ له.