Loader
منذ سنتين

ما الرد على من يقول: بأنه يجب أن يكون هناك تقارب بين الأديان؟


الفتوى رقم (10494) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما الرد على من يقول: بأنه يجب أن يكون هناك تقارب بين الأديان وخصوصاً أن هناك نقاطاً مشتركة بين جميع الأديان فيتم التقارب بينهم؟

الجواب:

        من المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- أرسل رُسل مبشرين، وكان يبعث كل رسول إلى قومه خاصة وآخرهم محمد ﷺ أرسله إلى الإنس والجن، فرسالته عامة وناسخة لجميع الرسالات؛ بمعنى: أن الأمم الموجودة من بدء رسالته ﷺ إلى أن تقوم الساعة -سواءٌ كانوا من الإنس أو كانوا من الجن- كلهم داخلون تحت دعوته ﷺ.

        والأدلة على ذلك كثيرة من القرآن ومن ذلك قول الله -جل وعلا-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[1]، وقال الله -جل وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[2].

        والأمة أمتان أمة إجابة وأمة دعوة. وأمة الدعوة هذه عامة لجميع الناس؛ أما أمة الإجابة فهم الذين قال فيهم الرسول ﷺ حينما ذكر أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة: « كلها في النار إلا واحدة »، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: « من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي »؟. فهذه الفرقة جمعت بين أمة الدعوة من جهة وأمة الإجابة من جهة الأخرى. أما الفرق الاثنتان والسبعون فهما من أمة الدعوة؛ بمعنى: إنهم مدعوون لقبول رسالة رسول الله ﷺ. وهذه الفرق شاملة لجميع من على وجه الأرض من بدء الرسالة إلى أن تقوم الساعة، ولهذا إذا جمع الله الأمم يوم القيامة سأل عن بلوغ هذه الأمة الرسالة، فيسأل الله الرسل هل بلغّوا أممهم؟ فيقولون: {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}[3]، فتشهد هذه الأمة بأن رسلهم بلغوهم، ويشهد الرسول ﷺ. على شهادتهم وذلك في قوله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[4]، فيشهد الرسول ﷺ على شهادتهم، وإذا جاء يوم القيامة وقف الرسول ﷺ على حوضه من أجل أنه يسقي أمته فيُذاد عن حوضه أُناس فيقول: « ما بالهم؟ فيقال له: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك »[5].

        وبناء على ذلك فإن جميع الأمم من يهود ومن نصارى ومن مجوس ومن غيرهم كلهم داخلون تحت رسالة الرسول ﷺ. والرسول ﷺ. حينما رأى ورقة في يد عمر بن الخطاب، قال: ما هذه يا ابن الخطاب؟ قال: ورقة من التوراة، قال: « أفي شك أنت يا ابن الخطاب لو كان موسى حيًّا لما وسعه إلا اتباعي ». والله تعالى يقول: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[6]، ويقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[7]، ويقول -جل وعلا-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}[8].

        فهذه المحاورات التي فُتحت على الناس هذه ليس لها أصلٌ من ناحية الإسلام، فمادام أنه يجب على جميع من في الأرض من المكلفين أن يؤمنوا برسالة الرسول ﷺ فهذه الفرق المخالفة للإسلام هم لا يؤمنون برسالة الرسول ﷺ ولا يؤمنون بالقرآن؛ بل يفرقون بين الكتب، ويفرقون بين الرُسل، فإذا كانوا لا يؤمنون بالرسول ولا يؤمنون بالقرآن فأي فائدة من المحاورة معهم. وبالله التوفيق.



[1] الآية (1) من سورة الفرقان.

[2] من الآية (28) من سورة سبأ.

[3] من الآية (19) من سورة المائدة.

[4] من الآية (143) من سورة البقرة.

[5] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب في الحوض(8/120)، رقم (6582)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا (4/1796)، رقم(2297).

[6] من الآية (19) من سورة آل عمران.

[7] من الآية (85) من سورة آل عمران.

[8] من الآيات (29-31) من سورة الأحقاف.