السؤال عن صفة الوضوء كما كان يفعلها النبي ﷺ
- الطهارة
- 2021-09-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1336) من المرسل ص.ح.ع، من العراق، يقول: عند الوضوء لكلّ صلاة ماذا يتبع ويقال كما كان يعمل رسول الله ﷺ؟
الجواب:
الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- أكمل الخلق خلقاً، وأكملهم تطبيقاً لشريعة ربه قولاً وعملاً واعتقاداً، ولهذا وصفه الله بقوله -تعالى-:"وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"[1]، وجاء في القرآن بيان صفة الوضوء إجمالاً في سورة النساء، وفي سورة المائدة. وبيّن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- ما جاء في القرآن، فكان ﷺ إذا أراد أن يتوضأ وكان قد قام من النوم يسمّي ويغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهم الإناء، ثم بعد ذلك يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه، وحدّ الوجه من منتهى الشعر النابت مما يلي الوجه طولاً إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، وعرضاً إلى فروع الأذنين، ثم بعد ذلك يغسل يديه اليمنى إلى المرفق، والمرفق داخل في الغسل، ثم يغسل يده اليسرى كذلك، ثم بعد ذلك يمسح رأسه يبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخر رأسه، ثم يعيد يديه من المؤخر إلى المقدم، يمسح جميع رأسه، ثم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، ثم بعد ذلك يغسل رجله اليمنى إلى الكعب والكعب داخلٌ في الغسل، ثم يغسل رجله اليسرى كذلك.
وقد جاءت له صفاتٌ متعددة من جهة العدد، فقد كان ﷺ يتوضأ مرة مرة؛ يعني: يغسل كلّ عضو من أعضاء الوضوء مرة واحدة، وجاء أنه يتوضأ مرتين مرتين؛ يعني: يغسل كلّ عضوٍ من أعضاء الوضوء مرتين، وجاء أنه يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً؛ يعني: يغسل كلّ عضوٍ من أعضاء الوضوء ثلاث مرات، وجاء -أيضاً- أنه يغسل بعض الأعضاء مرة، ويغسل بعضها مرتين.
فالواجب في الوضوء هو أن يغسل كلّ عضوٍ من أعضاء الوضوء مرةً واحدة، ويمسح الرأس مرةً واحدة، هذا هو الواجب، فإذا زاد على ذلك فإنه يكون سنةً؛ ولكن لا بدّ أن تكون الغسلة الواحدة كافية لغسل العضو؛ أي: إنه لا يبقى منه جزءٌ لم يغسل، وكذلك بالنسبة لمسح الرأس، لا بدّ أن يكون المسح مستوعباً لجميع الرأس، فمسح الرأس مرة واحدة هو الواجب، وغسل كلّ عضوٍ من أعضاء الوضوء مرة واحدة هذا هو الواجب، وإذا زاد مرةً ثانية وثالثة؛ فهذا يكون من باب السنة.
أما إذا زاد مرةً واحدة فهذه الزيادة ليست بمشروعة؛ لأنها لم ترد عن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-، وخير الهدي هديُ محمد ﷺ.
وقد يقول قائلٌ: إن غسل الأربع أفضل من غسل الثلاث؛ لإن غسل الثلاث فيها زيادة أجرٍ عن الواحدة، فكذلك الرابعة فيها زيادة أجرٍ عن الثلاث، ولكن بالنسبة لحصول الأجر في الثانية والثالثة هذا جاء من المشرّع؛ أما زيادة الأجر في الرابعة فهذا لم يأتِ من المشرّع، وليس للمكلف حقٌ في مجال التشريع.
ولهذا لما جاء رجلٌ يسأل الإمام مالك -رحمه الله- قال له: أريد أن أحرم من بيتي -يسأله في المدينة- فقال له: أحرم من الميقات، فقال: أريد أن أحرم من بيتي، فقال له: أحرم من الميقات، قال: أليس الإحرام من البيت أكثر أجراً من الإحرام من الميقات؟ فقال له: إذن أنت أفضل من الرسول ﷺ، قال: أعوذ بالله! قال: نعم، الرسول ﷺ أحرم من الميقات، وأمر بالإحرام من الميقات، وأنت لم تسعك سنة الرسول ﷺ تريد أن تزيد عليها فإذن أنت أفضل من الرسول ﷺ ![2]، فالرجل أقلع عن هذه الشبهة التي في نفسه.
وأنا قصدت من ذلك التنبيه على أمرٍ يوجد بكثرة ٍ عند كثيرٍ من الأشخاص، ولا أريد أن أسمّي نوعاً لما هو موجودٌ عند كثيرٍ من الأشخاص، وهو أنهم يميلون على الزيادة عن الجانب التشريعي، ولا شك أن هذا العمل إفراطٌ منهم؛ لإن الناس في هذا المجال ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: الذين يسلكون مسلك الإفراط وهو الزيادة عن المشروع، لا يقتنعون بالمشروع، ولا شك أن هذا شيءٌ خطيرٌ؛ بل على الإنسان أن يكون متبعاً.
الصنف الثاني: يسلكون مسلك التفريط؛ بمعنى: إنهم يقصّرون في أداء الواجبات؛ كالذين يصلّون في بيوتهم ولا يصلون مع الجماعة، أو أنه يتوضأ، ولكنه لا يتوضأ وضوءاً مجزئاً، فيكون قد سلك في هذا مسلك التفريط.
الصنف الثالث: مسلك الوسط، وهو أن الشخص يتقيد بسنة الرسول ﷺ سواءً كانت قولية، أو كانت فعلية، أو كانت اعتقادية. فعلى الشخص أن يتقيد بذلك؛ لإنه إن سلك مسلك الإفراط فهو آثم، وإن سلك مسلك التفريط فهو آثم، وإذا سلك مسلك الوسط فإنه يسلم من الإثم ويكون مأجوراً.
هذا الكلام بالنظر إلى صفة وضوئه ﷺ من جهة الكيفية، ومن ناحية العدد، وعندما ينتهي من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إلى آخر الأدعية.
وأنا أنصح السائل في أن يرجع إلى كتاب زاد المعاد من أجل أن تتبين له صفة وضوء النبي ﷺ مفصلة بالأدلة. وهذا جوابٌ مجمل على مقدار وقت البرنامج. وبالله التوفيق.