Loader
منذ 3 سنوات

حكم المغالاة في المهور والاحتفالات


الفتوى رقم (1778) من المرسل السابق يطلب أن يُناقش الشيخ المغالاة في المهور والاحتفالات.

الجواب:

هذه المسألة وهي مسألة المغالاة في المهور، عالجتها الحكومة -وفقها الله -منذ فترةٍ طويلةٍ، وعلى حسب ما أعرف منذ إحدى وعشرين سنة تقريباً، في خلال هذه الفترة حصل أنشطة من جهاتٍ مختلفة لحل مشكلة غلاء المهور، وكذلك الإسراف في ولائم الزواج.

وبالنظر إلى وجود حسن النية من الذين يقومون أو يحرصون على معالجة هذه المشكلة؛ حصلت استجابة من جهاتٍ مختلفة، والحقيقة أنها استجابةٌ موفقة.

 هذه الاستجابة هي أن القبيلة -مثلاً- تتفق على تحديد المهر بعشرة آلاف أو عشرين ألفاً، ويفرّقون بين البكر وبين الثيب، ويتعاهدون فيما بينهم؛ وعندما يأتي الشخص الذي يريد أن يتزوّج إلى العاقد يقسم له أنه لم يزد على هذا المبلغ، وولي الزوجة يقسم على أنه لم يأخذ أكثر من هذا المبلغ، وهذا وقع في جهاتٍ كثيرةٍ من المملكة، وهذه الاتفاقات التزمت جانباً وهو التحديد؛ ولكنها لم تتفق من حيث المقدار؛ فالمقادير مختلفة إلا أن جميع المقادير التي قدرت -فيما أعلم- أنها قليلة، وقصدي قليلة بالنظر إلى غلاء المهور القائم الآن؛ ولكن نتج عنها نتائج طيبة جداً، فالقبائل التي حصلت عندها هذه الاتفاقات قلّ أن تجد شخصاً يرغب في الزواج ولا يتزوّج، وقلّ أن تجد فتاةً بلغت حدَّ الزواج ولم تتزوّج؛ بل إذا أردت أن تبحث عن شخصٍ أو عن فتاةٍ قلّ أن تجد من لم يتزوّج، وبهذا يكون هذا المجتمع خالياً -تقريباً- من الجرائم المتعلقة بالأعراض.

فلو أن القبائل التي لم تتفق حتى الآن تسعى إلى الاتفاق فيما بينها، كلُّ قبيلة تضع لها نظاماً من ناحية تحديد المهور والولائم، وتوقّع عليه، وعند العقد يبيّن أنه لم يحصل أكثر مما اتفق عليه وبينه الزوج وولي أمر الزوجة، وإذا حصل تكاتف على هذا الوضع؛ فإن هذا يحل هذه المشكلة؛ هذا بالنسبة إلى القبائل.

وبالإمكان تطبيقه -أيضاً- بالنسبة للبلدان التي يكون فيها من القبائل أعداد قليلة، ويكون هذا الاتفاق بين أهل البلد عموماً، ويرعى هذا الاتفاق الحاكم الإداري والحاكم الشرعي؛ لأن حصول هذا الاتفاق ليس فيه محذورٌ من ناحية الشرع، فيحصل الاتفاق على مقدار المهر للثيب، وعلى مقدار المهر للبكر، وكذلك يحصل الاتفاق على الولائم أو الوليمة.

فيه ناحية -هنا- مهمةٌ جداً تحتاج إلى تنبيه، وهي:

 أنه يوجد صنفٌ من الناس هؤلاء لهم ناحيةٌ قيادية، فهؤلاء عندما تحصل لهم مناسبات الزواج لبناتهم أو لأولادهم بما أنهم يدعون إلى تقليل المهور، ويدعون إلى عدم الإسراف في الولائم؛ بما أنهم يدعون إلى ذلك قولاً، فينبغي أن يدعو إليه فعلاً؛ من أجل أن يتطابق القول والفعل؛ أما إذا دعوا الناس إلى التخفيف في القول؛ ولكنهم يخالفون ذلك في الفعل؛ فإن الناس لن يستجيبوا إلى ذلك.

 فيه أمرٌ آخر وهو: أنه يوجد جشعٌ من بعض الآباء، فإذا كانت عنده بنت استغل الفرصة، وجعلها بمثابة المزاد العلني، إذا جاءه شخص قال: أنت رجلٌ طيب، ولكن جاءنا فلان قبلك، وأعطانا كذا وأنت أطيب منه؛ فمعنى هذا: أنه يقول: إن وافقنا معك فزد على المبلغ الذي دفعه فلان ورددناه. وهكذا، وبهذه الطريقة يتأخر زواج البنت، وربما يحصل مالا يحمد عقباه.

فالحاصل من هذا الكلام كله هو: التركيز على حصول الاتفاق بين من يمكن حصوله منهم من قبائل أو من بلدان على تقدير المهر للثيب والمهر للبكر، وكذلك تقدير الولائم، وحصول التطبيق من الأشخاص الذين يدعون إلى تطبيق هذا الأمر ويرعونه؛ حتى يكون قولهم مؤيداً بالفعل، ويكون مقبولاً.

 وعلى الآباء أن يقلّلوا من الجشع الذي عندهم، وعلى النساء -أيضاً- ألا يحرجن الرجال بكثرة الطلبات، فإن فيه في بعض الجهات إذا أرادت المرأة أن تتزوّج وضعت قائمة هي ونساؤها للزوج؛ يذكرون فيه ما يكون للزوجة، وما يكون للأم، وما يكون للعمة، وما يكون للخالة، وما يكون للإخوان، وما يكون للأب؛ إلى غير ذلك من الذهب ومن الأمور الأخرى، فعليهم أن يتقوا الله -جلّ وعلا- وأن ييسّروا أمر الزواج بتخفيف المهور، وبتخفيف الولائم، وإذا حسنت النية حسنت النتيجة، وإذا ساءت النية ساءت النتيجة « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلّ امرئ ما نوى ». وبالله التوفيق.