Loader
منذ سنتين

اتفقت مع العمال الذين جاؤوا إليّ على اتفاق شفويّ في بلادهم يخالف المكتوب؛ لأنه رسمي ولا بد من أن يعرض على الجهات، وهم -أي العمال- قد وافقوا على الاتفاق في بلادهم، فما الحكم؟


الفتوى رقم (8140) من المرسل السابق، يقول: اتفقت مع العمال الذين جاؤوا إليّ على اتفاق شفويّ في بلادهم يخالف المكتوب؛ لأنه رسمي ولا بد من أن يعرض على الجهات، وهم -أي العمال- قد وافقوا على الاتفاق في بلادهم، فما الحكم؟

الجواب:

        هذا من الحيل، ومما يؤسف له أن الشخص أو بعض الأشخاص في هذه البلد يسلكون مع العمال الذين يأتون بهم مسالكَ مخالفةً لشرع الله من جهة، ومخالفةً لأمر ولي الأمر من جهةٍ أخرى، ومن ذلك ما سألني عنه بعض العمال بقوله: اتفقنا مع الكفيل الذي جاء بنا إلى هذه البلد على أن الراتب 600، فلما جئنا إلى هنا جعل الراتب 300 ومنع عنا 300، أي أنه ألزمهم بعدما جاؤوا إلى هنا بأن يكون الراتب النصف مع أنه وقّع هناك على أن الراتب 600. ومن ذلك أيضاً ما سألني عنه بعض الأشخاص بقوله: إن الكفيل يذهب بنا إلى مقر السكن الذي نسكن فيه ويضربنا حتى نوقّع له بأننا استلمنا حقَّنا منه، ونحن لم نستلم شيئاً. ومن ذلك ما سألني عنه بعض العمال بقوله: إن كفيلي منع عني رواتبي، ولي الآن ثلاث سنوات ولا أستطيع إخراجها منه. فهذا كله لا يجوز للإنسان أن يعمله، والرسول يقول: « المسلمون على شروطهم »، ويقول : « من غشنا فليس منا »، ويقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[1].

        ومن الأمور الشائعة الآن والمستساغةِ أيضاً عند كثيرٍ من الناس: أن يأتيَ بالعمال ويفرضَ عليهم مبلغاً من المال ويقول: اذهب واشتغل حيث شئت لكن أعطِني كل شهر كذا، أو يوليه محلّاً تجاريّاً، ويوفر له أشياء في المحل التجاري، ويفرض عليه أن يعطيَه كل شهر أربعة آلاف أو خمسة آلاف أو عشرة آلاف، وكل هذه التصرفات لا تجوز، وفيها أيضاً تستر؛ لأن المحل معروف باسم صاحبه، ومسجلٌ عند البلدية باسم صاحبه، فلا يجوز للإنسان أن يعمل هذا العمل.

        ومن المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، فعلى المسلم أن يحرص على الكسب الطيب؛ لأن الكسب الحرام من موانع قبول الدعاء، كما أنه لا يجوز له أن ينفقه على نفسه، ولا على زوجته، ولا أن ينفقه أيضاً على أولاده، وكذلك لو أراد أن يتزوج فلا يجوز له أن يجعله مهراً؛ لأن هذا كسبٌ حرامٌ وكسبٌ خبيث، والله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (59) سورة النساء.