Loader
منذ سنتين

حكم الغش في بيع العسل، وحكم المال الذي يربحه منه


الفتوى رقم (3800) من مرسل لم يذكر اسمه، مقيمٌ في نجران، يقول: كنت أقوم بتصنيع السكّر، وأعمله عسلاً، وأبيعه على أنه عسل، واستمريت على هذا سنتين إلى أن استيقظ ضميري، وحلفت أني لن أعود إلى هذا العمل، وتبت توبةً نصوحاً؛ ولكني خلال الفترة الماضية جمعت مالاً من خلال بيع هذا العسل، واشتريت به قطعة أرضٍ زراعية؛ لكن ضميري لم يرتح، فمرةً أقول: يجب بيع هذه الأرض، ومرةً أقول: أنا تبت إلى الله، والله توابٌ على من يتوب. فماذا أفعل؟

الجواب:

يقول الرسول ﷺ: « من غشّنا فليس منا ». ويقول ﷺ: « الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم ». فأنت تعمّدت الغش لمن اشترى منك من عامة المسلمين من هذا الذي تقول أنت: إنه عسل، وهو في واقع الأمر سكّر. فجميع العقود التي أبرمتها على هذا الوضع هي عقودٌ ليست بصحيحة، والمال الذي دخل عليك دخل بغير عقدٍ صحيح، وبغير عوضٍ صحيح، والواجب عليك أن ترد إلى كلّ شخصٍ ما أخذته منه، ترجع إلى أسماء الأشخاص الذين بعت عيهم خلال هاتين السنتين وترد إلى كلّ واحدٍ ما أخذته منه.

فإن تيسر لك أن ترد ما أخذته منه إليه، فهذا هو الواجب عليك. وإن تعذر الرد ككون بعض الأشخاص لا تعرفهم.المهم أنك إن لم تتمكن من رده بأي وجه من الوجوه، فإنك تتصدّق بهذا القدر الذي دخل عليك من هذا الشخص، والأشخاص الذين تعذرت عليك معرفتهم تتصدّق به في وجوه البر على نيتهم.

فمتى تيسر وجاؤوا إليك وعلمت عنهم، فإنك تخبرهم بما فعلت، فإن أمضوا هذه الصدقة فبها، وإن لم يمضوها فتكون لك، وترد إليهم جميع ما أخذته منهم.

وما ذكرته من جهة التوبة بالنظر إلى الحق الذي بينك وبين الله.

أما بالنظر إلى الحق الذي بينك وبين الناس، فمن المعلوم: أن من شروط التوبة أن ترد الحق لصاحبه، وليس معنى هذا أنك إذا غششت، وأكلت أموال الناس بالباطل أنك تتوب، وأن توبتك تحل لك هذه الأموال المحرمة؛ لكن إذا قبلها الله -جلّ وعلا-، فذلك بالنسبة إلى حقه هو؛ يعني: إنه لا يعذبك يوم القيامة على هذا العمل؛ أما حقوق العباد فإنك تدفعها. وبالله التوفيق.