حكم بيع السيارة بسعر أقل حالاً، على من اشتراها منه بثمن مؤجل
- البيوع والإجارة
- 2021-12-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2571) من المرسل ع. س. ر. ع، يقول: اشتريت سيارة من معرض بمبلغ خمسة وأربعين ألف ريال بالتقسيط، كلّ شهر أدفع ألفي ريال، وقبل أن أرى السيارة واستلمها، أبديت لصاحب المعرض نفسه أني أريد بيعها لأحصل على النقد، فعرض عليّ أن يشتريها بمبلغ ثلاثة وثلاثين ألف ريال، فقبلت ذلك وكتب لي شيكاً بالمبلغ، ثم علمت فيما بعد أن هذه المبايعة فيها شيء ٌمن النهي. وسؤالي: ما حكم عملي هذا الذي عملته من غير علم بحكمه؟ وإذا كنت قد دفعت -حتى الآن- ثلاثة وعشرين ألف ريال، فهل يجوز لي أن أمتنع عن دفع الباقي؟ وإذا امتنعت هل يلزمني الشرع به، علماً بأن المكاتبة ليس فيها إلا بيع سيارة بالتقسيط؟
الجواب:
العبرة في العقود بالمعاني والمقاصد، لا باللفظ الذي يكتب، وهذا العقد الذي ذكرته اشتريت السيارة من صاحب المعرض إلى أجل ولم تقبضها، ثم رجعت وبعتها عليه، لا شك أن هذا محرّم، وجميع أصحاب المعارض وأصحاب المتاجر الذين يعملون مثل هذا العمل، يتصورون أن فيه راحة لهم، وأن هذا الكسب الذي يكسبونه حلال، وفي الواقع أن هذا محرّم، لا يجوز للإنسان أن يكون طرفاً فيه، لا من جهة البيع، ولا من جهة الشراء، ولا من ناحية الكتابة، ولا من ناحية الشهادة. ولهذا الرسول ﷺ قال: « لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم في الإثم سواء ».
ولا يغتر الإنسان بما يعود عليه من ربح، فقد يكون في ذلك ضررٌ عليه من جهة نزع البركة، إما نزع البركة من عمره بتقصير الأجل، وإما نزع البركة في أعماله الصالحة فلا يوفّق لها، وإما أن يترك ويُنسى إلى درجة أنه يفعل الأفعال المحرمة، "نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ"[1]، "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ"[2].
وإما أن يكون من جهة نزع البركة في المال؛ يعني: هذا المال لا يوظفه وظيفةً تعود عليه لا بنفعٍ دنيوي، ولا بنفعٍ أخروي، فممكن أنه يشتري به سيارة، ويحصل له حادث، أو يشتري به بيتاً ويُصاب بشيءٍ من الآفات، أو يشتري به سلعة من السلع وتهلك.
فالمقصود أنه يجب على المسلم أن يتحرى في بيعه وشرائه بأن يكون موافقاً للطريقة الشرعية، وفي حالة المخالفة يكون آثماً، وإذا كان الإنسان جاهلاً فحينئذٍ كان عليه أن يسأل؛ لأن الله تعالى يقول: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[3]، كان عليه أن يسأل؛ لأنه في بلاد علم، والسؤال سهلٌ -الآن- وبخاصةٍ عن طريق الهاتف؛ أما إذا كان الإنسان بعيداً، وكان حديث عهدٍ بالإسلام، ولا يتمكن من السؤال، ولا يعرف حكم هذه المسألة فقد يكون معذوراً.
وهذه المسألة بعينها التي سأل عنها السائل؛ يعني: العقد ليس بصحيح؛ يعني عقد الشراء الأول إذا كان يعني قد رأى السيارة، وتوفرت الأركان، أركان البيع، والشروط، وانتفت الموانع، وإذا حصل خلل لأنه هو أعلم بالواقع، وإذا كان إنه قال: إنني لم أرها في سؤاله، وقال: إنني لم أقبضها.
فالمقصود: إذا كان العقد الأول اختل فيه ركنٌ من أركانه، أو شرطٌ من شروطه؛ فإن العقد الأول ليس بصحيح. والثاني مبنيٌ على الأول، فالعقد الأول لا يكون صحيحاً، والثاني -أيضاً- لا يكون صحيحاً، وعليه أن يتوقّف عن تسليم بقية الأقساط، وأن يتفاهم مع صاحب المعرض، وإن حصل نزاعٌ فالرجوع إلى المحكمة. وبالله التوفيق.