معنى حديث: « يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان: حب الدنيا وطول الأمل »؟
- شرح الأحاديث
- 2022-01-29
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9661) من المرسلة ف من المنطقة الشرقية- الظهران، تقول: ما معنى حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: « يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان: حب الدنيا وطول الأمل »[1]؟
الجواب:
هذا الحديث يقصد منه أن الشخص يكون عنده نشاط نفسي في محبة طول العمر؛ وكذلك في محبة المال؛ لكن هذه المحبة تارة تكون محبة مشروعة، وتارة تكون محبة ممنوعة، وتارة تكون محبة طبيعية. فالمحبة تكون مشروعة إذا قصد الإنسان في طول عمره أن يعمل بطاعة الله -جل وعلا-، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « خيركم من طال عمره وحسن عمله »[2]، فإذا كانت له محبة نفسية لطول العمر من أجل أن يعبد الله في بقية حياته فهذه محبة شرعية؛ أما إذا كان يريد أن يضر الناس فيما بقي من حياته، ويطلب من ربه أن يطيل عمره من أجل أن يوصل الضرر سواءٌ بأشخاصٍ معينين أو بأشخاصٍ غير معينين؛ مثل: ما يحصل من بعض رؤساء الدول الذين يضرون شعوبهم أو يضرون غير شعوبهم؛ يعني: تكون تصرفاتهم تصرفات غير مشروعة، ويود أن يبقى في هذه الرئاسة ما أمكن من العمر وذلك من أجل إيصال الضرر بالناس، فلا شك أن هذه محبة غير مشروعة.
أما المحبة الطبيعية فهو أن يتمنى أن يبقى فترة من الزمن من أجل أن يأكل، وأن يشرب، وأن يجالس أهله، ويجالس الناس؛ يعني: أشبه بالحياة البهيمية؛ هذا بالنظر إلى طول العمر.
أما بالنظر إلى المال فمن الناس من يحب المال من أجل أن ينفقه في وجوه البر، يؤدي حقوقه الواجبة وينفق، فيحب أن يكثر ماله من أجل أن تكثر نفقته في سبيل الله.
ومن الناس من يريد أن يكثر ماله من أجل أن يستعين به على معصية الله، فمنهم من يستعين به على طاعة الله، ومنهم من يستعين به على معصية الله، فمن استعان به على طاعة الله -سواءٌ كانت هذه الطاعة واجبة، أو كانت هذه الطاعة مستحبة- يكون مأجوراً عليها. وإذا كانت محبة هذا المال من أجل أن ينفقه في معصية الله؛ يعني: يحقق أغراضه المحرمة من شرب الخمر ومن فعل الزنا وغير ذلك من الأمور المحرمة؛ فلا شك أن هذه محبةٌ للمال لكن محبةٌ غير مشروعة. فعلى الشخص أن ينظر في نفسه يحب طول العمر لأي غرض؟ ويحب كثرة المال لأي غرض؟ فإذا كان الغرض مشروعاً كانت المحبة مشروعة، وإذا كان الغرض ممنوعاً كانت المحبة ممنوعة، وإذا كان الغرض من الأمور التي الأصل فيها الإباحة فتكون المحبة هذه محبة طبيعية. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه (8/89)، رقم(6420)، بلفظ: "لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل"، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب كراهة الحرص على الدنيا (2/724)، رقم (1046)، بلفظ: « قلب الشيخ شاب على حب اثنتين: حب العيش والمال ».
[2] أخرجه أحمد في مسنده(4/565)، رقم(2329)، والترمذي في سننه، أبواب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن(34/58)، رقم (20415)، بلفظ: "أن أعرابياً قال: يا رسول الله من خير الناس؟، قال: « من طال عمره وحسن عمله ».