Loader
منذ سنتين

حقوق الزوجة على زوجها، و حكم من توفي زوجها وهي عاصية له


الفتوى رقم (2321) من المرسلات السابقات، يقلن: ما حقوق المرأة المسلمة على زوجها؟ وإذا عصت زوجها وتوفي وهي عاصيةٌ له، كيف يمكن أن تصلح هذا الخطأ بعد موته؟

الجواب:

أما من ناحية الحقوق التي تكون للزوج على الزوجة، وكذلك الحقوق التي تكون على الزوج؛ لأن فيه حقوقاً له وعليه، والمرأة لها حقوقٌ وعليها حقوق. هذه الحقوق منها ما يكون راجعاً إلى العرف، ومنها ما يكون راجعاً إلى أدلة شرعية معينة، ومنها ما يدّعى بأنه حق؛ ولكنه من باب التعسّف.

فهناك بعض الأعراف في بعض البلدان تفرض على الزوجة بعض الحقوق لزوجها؛ كالتوسع في مجال الخدمة؛ يعني: في مجال خدمة الزوج، والاشتغال معه في حرثه، وفي غنمه، وفي إبله، وغير ذلك. وعلى العكس في بعض البلدان لا تؤدي هذه الأعمال؛ وإنما تؤدي أعمالاً محدودةً في المنزل. وأما بالنسبة للمنصوص عليها، ففي مثل قوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[1]، وقوله  تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"[2]، إلى غير ذلك من الأدلة التي جاءت دالةً على ذلك.

وفيه بعض الأمور أحب أن أنبه عليها؛ لأنها تتعلق بالرجال من جهة، وتتعلق بالنساء من جهةٍ أخرى، فبعض النساء ترى في نفسها أنه ليس لزوجها عليها أمر، ولهذا تخرج من بيته بغير إذنه، وتُدخِل في بيته من لا يرضى دخوله، وتستخدم مع زوجها الأساليب السيئة البذيئة التي تدل على سوء أدبها، وهذه أمور كلها لا تجوز، ومنهنّ -أيضاً- من تبذّر مال زوجها؛ الزوج يتعب على كسب المال، وهي تبذر هذا المال لصديقتها فلانة، وهدية لفلانة، والزوج لا يعلم بذلك، أو أنها تعمل أساليب إحراج لزوجها من جهة أنها تفرض عليه بعض الأمور؛ سواءٌ كانت هذه الأمور متعلقةٍ في البيت، أو متعلقة بأقاربها، أو متعلقة بأشخاص يأتون إلى البيت. بعض النساء تكون مغرمةً بكثرة العزائم، تعزم النساء وتكلّف زوجها، تقول: غداً عندنا آل فلان، والزوج قد يكون عنده مكارم أخلاق، فلا ينبغي للزوجة أنها تسلك هذه المسالك مع زوجها، فالأمور المتعلقة بالخلق، وبالعرض، وبالمال، وبالسكن، فيجب عليها أن تتجنب جميع الأمور التي يكون لها أثرٌ سيءٌ على زوجها، وكذلك بالنسبة لمعاملته في البيت، إذا كان عندها في البيت، يجب عليها أن تعامله معاملة حسنة، لا بالنسبة إذا احتاج إليها في نفسه، ولا بالنسبة لما إذا جلسا جميعاً تتجنب جميع الكلام الذي يكون فيه شيءٌ من سوء الأدب، ولا تحدث العداوة والبغضاء بينه وبين أمه، أو بينه وبين أبيه، أو بينه وبين أخواته، أو بينه وبين إخوانه، أو بينه وبين زوجات إخوانه، إلى غير ذلك؛ لأن بعض النساء تكون سيئة، وتتدخل في شؤون الأسرة من أجل أن تستحوذ على الرجل، وتخرجه من أهله، تستولي عليه من ناحية عقليته، ونفسيته، وفكره، ومن ناحية ماله، ومن ناحية بدنه، ومن ناحية المكان، ومن ناحية الزمان؛ يعني: تفصله عن جميع أسرته، وتستقل به استقلالاً تاماً، هذا الأسلوب ليس من الأمور المشروعة.

هذه أمثلة لما يتعلق بما ينافي حقوق الزوج على زوجته، وأمثلة لما ينبغي -أيضاً- أن تفعله مع زوجها من الحقوق المشروعة، فأنا نبّهت على أمثلة من الممنوع، وعلى أمثلةٍ من المشروع.

بالنسبة للزوج -أيضاً- بعض الأزواج بحكم أنه هو الزوج، وهو القائم على زوجته، وهو الراعي لها، يستخدم أساليب التعسّف، فمنهم من يمنع زوجته عن أهلها مطلقاً، يمنعهم عن المجيء إليها، ويمنعها من أن تذهب إليهم، إلى درجة أن بعضهم يمنعها لا تتصل بالهاتف، ولا يتصلون بها، ويعلق طلاقها على أنها إن اتصلت بهم أو اتصلوا بها، فإنها تكون طالقاً، وهذا لا شك أنه أسلوب من أساليب التعسّف، وليس من الحقوق الشرعية، وليس من حق الرجل أن يعمل ذلك مع زوجته، هذا من ناحية العلاقة الأسرية؛ يعني: علاقتها بأهلها. كذلك بالنظر إلى علاقة الزوجة بأهله، فبعضهم يفرض على زوجته أنها لا تتصل بأحد من أهله؛ يعني: يفصلها عن أهله، وبهذه الطريقة ليس له ذلك؛ لأن هذا يقلل من شأن الزوجة، ومن شأن علاقته هو -أيضاً- بأهله؛ وبخاصة أمه، وأباه، وإخوانه، وأخواته. ومنهم -أيضاً- من يسيء معاملتها من الناحية المالية؛ بمعنى: إنه يقصر في حقوقها الواجبة من ناحية النفقة: نفقتها هي، نفقة أولادها، وكسوتها، وكسوة أولادها؛ يعني: يضيّق عليها تضييقاً تاماً، وهذا -أيضاً- لا يجوز له. وكذلك منهم من يسيء معاملة الزوجة من ناحية التخاطب، ويعتبرها امرأة مهينة ليست لها قيمة، والرسول ﷺ يقول: « النساء شقائق الرجال »؛ يعني: الفروق التي شرعها الله -جلّ وعلا- هي التي يؤخذ بها؛ أما التحكم الذي يأتي من الزوج على زوجته بحسب ما يمليه عليه شيطانه من شياطين الإنس، أو من شياطين الجن، فهذا لا يجوز له أن يفعله. وهذه نماذج من الأشياء الممنوعة.

        أما الأشياء المشروعة، فإن عليه أن يحسن معاشرتها في القول، وفي الفعل، وفي الكسوة، وفي النفقة، وغير ذلك من الأمور المشروعة في حقه؛ وبالتالي يحصل بينهما إذا قام كلٌّ منهما بحقوق الآخر الاتفاق والتفاهم التام، وعندما يحصل اختلافً بينهما في أمر من الأمور، فبإمكانهما أن يسترشدا عن هذا الأمر الذي أشكل ما هي الطريقة الشرعية فيه حتى يتبعاها جميعاً، فلا تعسّف من ناحية الرجل، ولا خروج من المرأة عن طاعة زوجها.

          هذه نماذج من الحقوق المشروعة والممنوعة بالنسبة للزوج، والحقوق المشروعة والممنوعة بالنسبة للزوجة. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (228) من سورة البقرة.

[2] من الآية (19) من سورة النساء.