Loader
منذ سنتين

« اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك »، هل تقال عقب كل صلاة في المكتوبة وغير المكتوبة؟


الفتوى رقم (4734) من المرسل م. ه من اليمن، يقول:  أمر رسول الله ﷺ معاذ ابن جبل -رضي الله عنه- بأن يقول عقب كل صلاة: « اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك »[1]، هل يجب أن نقولها عقب كل صلاة في المكتوبة وغير المكتوبة؟

الجواب:

        الرسول ﷺ رسالته عامة للثقلين الإنس والجن، ولهذا يقول الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)}[2]، ويقول تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[3]، ويقول تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[4]، فرسالة الرسول ﷺ عامة، وبناءً على أنها عامةٌ للإنس والجن إلى أن تقوم الساعة، فقوله ﷺ لواحدٍ أو فعله أيضاً الأصل فيه العموم ما لم تقم قرينةٌ دالةٌ على الخصوصية، كما جاءه رجل واستفتاه في ذبح عناقٍ؛ يعني: ما كملت السن الشرعي، فقال له ﷺ: « اذبحها، ولن تُجزئ عن أحدٍ بعدك »، فقوله ﷺ « ولن تجزئ عن أحد بعدك » هذه قرينة دالة على الخصوصية.

        وبناءً على ذلك فإن الأصل بالنظر لما جاء عن الرسول ﷺ من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ الأصل فيه هو العموم، ولا يُقصر على الخصوصية إلا إذا دلّ دليلٌ على ذلك؛ يعني: على الخصوصية، ومن أجل ذلك قال العلماء العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

        فهذه المسألة التي سأل عنها هذا السائل هي فرعٌ من الفروع المتفرعة عن هذه القاعدة، فالخطاب موجهٌ من الرسول ﷺ إلى معاذ ابن جبل  -رضي الله عنه- وتوجيه هذا الخطاب منه ﷺ إلى معاذ لم يقترن بما يدل على خصوصية معاذ -رضي الله عنه- بهذا الدعاء، وبناءً على خلوه من القرينة فإنه يكون فرعاً من فروع الأصل، وهو أنه يقوله أيُّ فردٍ من أفراد المصلين هذا من جهة الأفراد، وكذلك من جهة دبر الصلاة سواءٌ أكان هذا مثلاً يقوله الشخص بعد الفريضة أو يقوله أيضاً بعد النافلة، يعني لو قاله بعد النافلة ليس في ذلك شيء، هو جاء في الفريضة لكنه لو قاله الشخص بعد النافلة وقال: اللهم أعني على شكرك، وذكرك، وحسن عبادتك، فليس في ذلك بأس. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار(2/86)، رقم(1522)، والنسائي في سننه، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء(3/53)، رقم(1303).

[2] الآيتان (1-2) من سورة الجن.

[3] الآية (1) من سورة الفرقان.

[4] من الآية (19) من سورة الأنعام.