Loader
منذ سنتين

هل يجوز للولد أن يعصي والده في اختيار الزوجة؟


الفتوى رقم (4705) من المرسل ب. ع. ع، من السودان، يقول: إذا أراد الشاب أن يتزوج بنتاً ملتزمة وعارضه والده لبعض العادات والتقاليد على أن يتزوج من إحدى قريباته وهن غير ملتزمات، هل يجوز للشاب أن يعصي والده وخاصةً في أمر الزواج؟ والسؤال باختصار: هل يجوز للشاب أن يعصي والده في أمر اختيار الزوجة وخاصةً إذا كان والده لا يختار على ضوء الكتاب والسنة؟

الجواب:

        هذا السؤال له علاقة بالشخص الذي يريد الزواج، وله علاقة بالمرأة التي تريد أن تتزوج، وله علاقة بأولياء الزوج، وعلاقة بأولياء الزوجة.

        وعندما يُنظر إلى الزوج، فإنه ينبغي له أن يختار صالحة من بيت صالح، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول: « اختاروا لنطفكم فإن العرق نزاع »، ومعنى ذلك: أن الأولاد الذين سيولدون بسبب هذا الزواج، تكون بيئة الزوجة التي عاشت فيها، وطبيعة أولياء أمورها لها أثرٌ على الأولاد، فيختار مرضية في دينها وأمانتها ولا يكتفي برأيه بإمكانه أنه يستقصي حتى يتبين له الأمر مطابقاً للواقع من جهة أنها مرضية في دينها وأمانتها.

        وكذلك من جهة الزوجة عندما يتقدم لها شخصٌ، فإنها تتحرى عنه حتى يتبين لها أنه صالح لها؛ يكون مرضياً في دينه وأمانته، كما قال ﷺ: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ».

        وعندما يكون الزوج مرضياً في دينه وأمانته، والزوجة مرضية في دينها وأمانتها، بعد ذلك يأتي دور موقف من يكون من جهة الزوج فقد تعترض الأم وقد يعترض الأب، وقد يكون هناك أخ كبير أيضاً ويعترض، فهؤلاء ليس لهم حق الاعتراض، عندما تكون المرأة مرضيةً في دينها وأمانتها، وعندما يحصل الاعتراض يكون ذلك من باب الظلم، والله حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين عباده، فلا يجوز للأم ولا يجوز للأب ولا يجوز لأي شخص من أقارب الزوج أن يحول بينه وبين هذه الزوجة؛ لأنه ظلم للزوج من جهة وظلم للزوجة من جهة ثانية.

        وهكذا بالنظر لمن يكون من جهة الزوجة، فقد تعترض الأم، وقد يعترض الأب وقد يعترض أخ مثلاً كبير لها، فيحولون بينها وبين الزواج بمن هو مرضي في دينه وأمانته، وعملهم أيضاً هذا يكون من جهة الظلم، فالله جلّ وعلا قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}[1] فلا يسلك الأولياء مسلك الظلم معهم، ومن جهة ثانية قد لا تكون الزوجة مرضيةً في دينها وأمانتها، ولكن يتعلق بها الزوج من باب العناد، أو الزوجة تتعلق بشاب لسبب ما من الأسباب ولا تكون مرضية في دينها وأمانتها فيكون تدخل من يكون من قِبل الزوج كتدخل أمه أو أبيه مثلاً تدخله يكون مشروعاً، وهكذا من يكون من جهة الزوجة إذا كانت هي مرضية في دينها وأمانتها، ولكن الزوج ليس مرضياً في دينه وأمانته، ولكن البنت تكون متعلقةً به من باب العناد مثلاً، فيكون تدخل الأم أو تدخل الأب تدخلاً مشروعاً. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (90) من سورة النحل.