حكم مجاورة غير المسلمين والعيش معهم ويخشى من التأثر بهم
- التعامل مع غير المسلمين
- 2021-09-21
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1649) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: أعيش في منطقة معظم جيراني فيها من غير المسلمين، وأضطر للحديث معهم، وهم يزورونني، وأخشى من تأثيرهم عليّ، أرجو أن توجهوني جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الشخص يعرف نفسه، هل يكون من النوع القابل للتأثر؛ ولكن لا يؤثّر على غيره، أو يكون من النوع الذي يستطيع أن يؤثّر في غيره ولا يتأثر في نفسه، أو أنه من النوع الذي يستطيع أن يؤثّر وأن يتأثّر في حدود سنن الله الشرعية، أو أنه من النوع الذي لا يتأثّر ولا يؤثّر.
فأنت اعرض نفسك على واحدٍ من هذه الأقسام الأربعة.
فإذا كنت من النوع الذي يؤثّر ولا يتأثّر؛ بمعنى: إنك تستطيع أن تؤثّر فيهم، تدعوهم إلى الإسلام بأقوالك، تدعوهم إلى الإسلام بمعاملتك، وتدعوهم إلى الإسلام بأفعالك؛ فمخالطتك لهم ومجالستك ومجيئك لهم هذا داخلٌ في قوله تعالى:"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ "[1]، فعملك هذا داخل في القسم الأول.
وقد يوجد فيه من القسم الثاني إذا دعت الحاجة إليه، وقد يكون في القسم من الثالث -أيضاً- في بعض مراحله؛ فإن المدعو قد يكون في حالةٍ يكتفى أن يدعى بالحكمة، وقد يكون في حالةٍ لا تنفع فيه الحكمة؛ بل تنفع فيه الموعظة. وقد يكون في حالة لا تكفي معه الحكمة ولا الموعظة؛ ولكن ينفع معه المجادلة بالتي هي أحسن، فإذا كنت تستطيع أن تؤثّر عليهم بالحكمة والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن؛ لعل الله أن ينقذهم على يديك من الكفر إلى الإسلام، فهذا عملٌ جليلٌ أرجو من الله أن يأجرك عليه.
أما إذا كنت من النوع الذي يتأثّر ولا يؤثّر، فإن شخصيتك ستذوب في شخصيتهم، وهذه عادة من يستطيع أن يتأثّر ولا يستطيع أن يؤثّر، هذا تذوب شخصيته في شخصيات من حوله؛ يعني: الذين يؤثّرون عليه ويجد استجابةً لهذا التأثير.
وإذا كنت من النوع الذي لا يتأثّر ولا يؤثّر، فاتركهم.
وإذا كنت من النوع الذي يتأثّر ويؤثّر؛ ولكن في حدود الطريق المشروع، فلا مانع من أن تجلس معهم، وأن تدخل معهم، وأن تدعوهم إلى طريق الحق.
فالمقصود إذا كان ارتباطك بهم يحقق مصلحة شرعية لك ولهم، فلا بأس بذلك، وإذا كان ارتباطك بهم فيه مفسدةٌ محضة، أو مفسدةٌ راجحة، أو مساوية للمصلحة التي -مثلاً- ترجوها؛ فحينئذ لا تجالسهم بل اتركهم، يقول الله -جلّ وعلا-:"لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ"[2]، إلى آخر الآية. ويقول الله -جلّ وعلا- لنبيه:"وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ"[3]، وقال في موضع آخر:"وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"[4]
فالمقصود أن الشخص إذا اقترن بقرناء السوء، وكان لا يستطيع أن ينقلهم من الفساد إلى الصلاح؛ فإنه يجانبهم. وبالله التوفيق.