Loader
منذ سنتين

حكم بيع وشراء العملات الأجنبية


الفتوى رقم (2572) من المرسل م. س من ليبيا -طرابلس، يقول: هل يجوز التعامل ببيع وشراء العملة الأجنبية بعملة محلية؟ وإذا كانت العملة المحلية تباع في الشارع أرخص منها في المصرف الحكومي، فهل يجوز لي الصرف في الشارع دون المصرف الحكومي؟

الجواب:

 أما بالنسبة للجزء الأول من السؤال، فإن بيع العملة بعضها ببعضٍ جائزٌ، إذا باع العملة بعضها ببعضٍ كريال سعودي بريال سعودي، أو جنيه مصري بجنيه مصري، أو جنيه إسترليني بجنيه إسترليني، أو دولار أمريكي بدولار أمريكي، فيشترط فيها التماثل والتقابض بمجلس العقد. وإذا باع دولاراً بريالات سعودية، أو دولاراً بجنيه إسترليني اشترط في ذلك التقابض بمجلس العقد، وهكذا لو باع ذهباً بذهب، فلا بدّ فيه من التماثل والتقابض؛ وكذلك فضة بفضة لا بدّ فيها من التماثل والتقابض بمجلس العقد. وإذا باع ذهباً بفضة فيشترط فيه التقابض بمجلس العقد دون التماثل، وبهذا يتبيّن ما يقع فيه بعض الأشخاص الذين يتعاملون ببيع الذهب؛ مثل الصاغة، بعضهم يشتري الذهب إلى أجل للتصفية، يشتريه بمائة ألف، أو بمائتي ألف، أو أكثر أو أقل، ويقول: إلى وقت التصفية، وهذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه التقابض بمجلس العقد. وكذلك ما يفعلونه من بيع الذهب القديم بالذهب الجديد، مع حصول فرقٍ بينهما بالوزن يجعل في مقابلة القدم، فعلى سبيل المثال: يبيعون مائة غرام ذهب قديم بتسعين غراماً ذهباً جديداً، ويجعلون هذا الفرق عن الصنعة الموجودة في الذهب الجديد. وهذا -أيضاً- لا يجوز.

فالمقصود أنه لا بدّ من التماثل، ولا بدّ من التقابض إذا بيعت العملة بجنسها، وإذا بيعت بغير جنسها، فيشترط فيها التقابض بمجلس العقد دون التماثل.

أما الفقرة الثانية وهي: أن الدولة تضع سعراً للعملة، وتحدد جهات لبيع هذه العملات بالسعر الذي حددته الدولة، ويكون فيه أشخاص سماسرة يشتغلون ضد ما تنظمه الدولة سراً، ويسمّونها بالسوق السوداء، ويكون هناك فرق بين السعر الذي تضعه الدولة، وبين السعر الذي يكون في هذه الأسواق، والله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"[1]، فإذا كان ولي الأمر يأمر بالأمر ويوجد أفرادٌ من الشعب يخالفون هذا الأمر، فأي فائدةٍ لهذا الأمر؟ فقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: « لا ينفع كلمة حق لا نفاذ له »[2]. وإذا كان قول ولي الأمر لا يُنفذ في المجتمع مع أنه مطلوبٌ تنفيذه، فحينئذٍ لا يكون هناك فائدة لهذا الأمر، والله تعالى يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"[3]. ومفروضٌ أن الناس يتعاونون في طاعة ولي الأمر، ولا يتعاونون في عصيان ولي الأمر، وكلّ شخصٍ جعله الله مسؤولاً عن مجموعةٍ من الناس، ويأمر هذا الأمر من ناحية تحديد أسعار، فالمأمورون عليهم الامتثال في ذلك. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (59) من سورة النساء.

[2] أخرجه الدار قطني في سننه(5/367)، رقم(4471)، والبيهقي في السنن الكبرى، باب إنصاف الخصمين في المدخل عليه(10/ 229)، رقم(20460)، واللفظ له.

[3] من الآية (2) من سورة المائدة.