Loader
منذ سنتين

حكم التمذهب بمذهب معين


  • التقليد
  • 2021-12-04
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (2347) من المرسل السابق، يقول: ما حكم التمذهب بمذهب معيَّن؛ كالمالكي، والحنفي، والحنبلي، والشافعي، وهل هذه المذاهب من نعم الله على هذه الأمة، أو أنها من أسباب الفرقة؟

الجواب:

إن الله -جلَّ وعلا- أنزل القرآن على محمد ﷺ وأعطاه بيان القرآن؛ يعني: إنه يبيِّن القرآن، كما قال تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"[1]، فهذا فيه بيان أن الرسول ﷺ مبيِّن عن الله. والصحابة -رضي الله عنهم-، والتابعون، وأتباع التابعين، ومن جاء بعدهم من أهل العلم يستنبطون من القرآن، ويردُّون السنة إلى مواضعها من القرآن، ويُبيِّنون باستدلالهم بالقرآن وبالسنة الحكم الشرعي؛ ولكن هذا المجال لا يصلح إلا لأشخاص يستطيعون أن يقرروا الأحكام من الأدلة على حسب ما تقتضيه القواعد الشرعية، فإذا وصل الشخص إلى درجة الاستقلال في استنباط الأحكام؛ كالإمام أحمد، والشافعي، ومالك، وأبي حنيفة؛ فإن هؤلاء مجتهدون، وكلّ واحد منهم يقرر الحكم الشرعي على حسب القواعد التي قررها بنفسه، وهو في هذه الحال إما إن يكون مصيباً، وإما أن يكون مخطئاً، فإذا كان مصيباً فله أجر إصابته وأجر اجتهاده، وإذا كان مخطئاً فله أجر اجتهاده، وخطؤه معفوٌّ عنه، وقيّض الله -جلَّ وعلا- لكلّ واحد منهم من يأخذ فقهه عنه، وينشر هذا الفقه. وقد رتب العلماء أتباع كلّ إمام على مراتب:

المرتبة الأولى: المجتهد في الفتوى.

والمرتبة الثانية: المجتهد في المذهب.

والمرتبة الثالثة: المجتهد في التخريج.

والمرتبة الرابعة: المجتهد في الترجيح.

والمرتبة الخامسة: المجتهد في التصحيح.

والمرتبة السادسة: هي مرتبة الذي يأخذ الحكم بدون معرفة دليله، وهذا هو المقلّد تقليداً محضاً.

فينبغي لنا أن نعرف هؤلاء العلماء، وأن نعرف أتباعهم، وأن نعرف وظيفة كلّ شخص من هؤلاء الأتباع في المذهب؛ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى علينا أن نتعلّم العلم؛ يعني: نقرأ القرآن ونفهم معناه، ونقرأ السنة، ونحدد مواضعها من القرآن، ونطّلع على فقه أهل العلم الذين استنبطوا من القرآن ومن السنة، وألحقوا بعض النظائر ببعض، ونزلت لهم نوازل على مر العصور، وكلّ نازلة تنزل يبيّنون موضعها من الشريعة، وعلينا -أيضاً- أن نجتهد في معرفة الأصول، وفي معرفة القواعد، وفي معرفة مقاصد الشريعة، وبهذه الطريقة يسهل على الإنسان أن يعرف الحكم.

أما الشخص الذي يكون جاهلاً لا يعرف القواعد، ولا يعرف الأدلة، ولا يعرف كيف يستنبط الأحكام من الأدلة؛ فهذا إذا وقعت له واقعة، فعليه أن يسأل أهل العلم عنها، ينظر في أوثق شخص يتمكن من الاتصال به، ويسأله عن تلك الحادثة، مع أخذه بأنه يتعلم على سبيل التدريج عند من يثق به من أهل العلم، ويتمكن من الاتصال به والقراءة عليه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (44) من سورة النحل.