Loader
منذ 3 سنوات

شرح حديث ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير...)


الفتوى رقم (5778) من المرسلة السابقة، تقول: قرأت حديثاً عن رسول الله ﷺ أنه مر بقبرين فقال: « إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة بين الناس، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول » اشرحوا لي هذا الحديث جزاكم الله خيراً.

الجواب:

        هذا الحديث فيه وعيدٌ على أمرين:

        الأمر الأول: فيه عذاب لمن يمشي بالنميمة فيما بين الناس. والنميمة هي: القالة بين الناس. ومعنى ذلك أنك إذا سمعت شخصاً يتكلم في شخص ٍكلاماً يكون فيه أذى للمُتكَلم فيه؛ يعني: يسبّه، تحفظ أنت هذا الكلام وتذهب إلى الشخص الذي قيل فيه هذا الكلام وتنقل إليه ما قاله ذلك الشخص، قد تنقله باللفظ، وقد تنقله بالمعنى، وتتبرع بالإضافة من نفسك؛ وبخاصة إذا كان في نفسك على المنقول إليه أو المنقول عنه إذا كان في نفسك على أي واحدٍ منهما أو عليهما جميعاً، هذه نميمة نقلتها من الأول، هذا الشخص عندما يسمع الكلام الذي نقلته قد يتكلم بكلامٍ في ذلك الشخص، يقول: هو قال فيّ هذا الكلام وهو من أفعاله كذا وكذا فيذكر شيئاً من مساوئه. أنت -أيضاً- تتبرع وتذهب إلى ذلك الشخص. هو لا يدري أنك نقلت كلامه. تذهب إليه وتقول: إن فلاناً يقول فيك كذا وكذا، فتنم كلام الأول إلى الثاني، وتنم كلام الثاني إلى الأول، ويحدث بذلك فتنة بين هذين الشخصين وقد تتطور هذه الفتنة. فبيّن الرسول ﷺ أن الشخص إذا عمل هذا العمل ومات ولم يتب منه التوبة النصوح فإنه يعذب عليه في قبره.

        ومما يؤسف له أن هذه الصفة توجد بين كثيرٍ من الناس؛ ولكن لا يتنبهون لها وأنها ذنبٌ كبيرٌ، فعلى من يمتهن هذه المهنة أن يرجع إلى الله -تعالى- وأن يتوب إليه، وأن يستبيح الأشخاص الذين توسط فيما بينهم فكان نماماً.

        أما الأمر الثاني فهو: أن بعض الناس عندما ينقض الوضوء يهرق الماء من قبله؛ سواءٌ كان رجلاً أو امرأة، فإنه يقوم على عجلٍ قبل استكمال استبرائه من البول، وذلك بحصول نشافٍ في المحل الخارج بحيث إنه لا يخرج شيء بعد استبرائه. وقد يكون نقضه للوضوء في وقتٍ قريبٍ من أدائه للصلاة فيخرج قبل استبرائه من البول ويتوضأ ويذهب إلى المسجد ويخرج بولٌ من قُبله بالنظر إلى أنه لم يستبرئ؛ فحينئذٍ لا تصح صلاته، ويتنجس بدنه بما أصابه من قطرات البول، ويتنجس ثوبه بما أصابه من قطرات البول، وقد يُصلي في هذا الثوب صلاة العصر مثلاً إذا كان هذا وقع منه في الظهر، ولا يطهر المكان الذي أصابته النجاسة من بدنه، فيصلي صلاة العصر وثوبه نجس وبدنه نجس وهو السبب في ذلك؛ لأنه لم يستبرئ، وهكذا قد يصلي المغرب، وقد يصلي العشاء.

        وهذا تنبيهٌ من الرسول ﷺ على أن هذا الأمر الذي ليس بكبيرٍ في نفوس الناس؛ ولكنه كبيرٌ بالنظر إلى التشريع لما يترتب عليه من المفاسد، وما يترتب عليه من فوات المصالح، فالواجب هو اجتناب النميمة، والواجب هو الاستبراء التام من البول. وبالله التوفيق.