أُريد أن أشارك في مسابقة لحفظ القرآن الكريم ولكني أخشى أن يُخالط ذلك رياء أو سمعة، فكيف أُصلح نيتي؟
- فتاوى
- 2022-03-10
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12443) من المرسل السابق، يقول: أُريد أن أشارك في مسابقة لحفظ القرآن الكريم ولكني أخشى أن يُخالط ذلك رياء أو سمعة، فكيف أُصلح نيتي؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- يقول: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[1]. ومن وظائف الشيطان مع ابن آدم أن يحول بينه وبين المأمور؛ إما من جهة أصله، أو كميته، أو كيفيته، أو زمانه، أو مكانه. أو أنه يحمله على فعل شيء من المحرمات، أو يُشغله في وسيلة من وسائل الأمور المحرمة.
وما ذكره السائل هذا من تخويف الشيطان له في أن يشتغل بحفظ القرآن، فعليه ألا يلتفت إلى هذه الأمور، وعليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يحرص على حفظ القرآن.
وبهذه المناسبة فإن الشخص الذي يُريد أن يحفظ القرآن عليه أن يسلك طريقة تجمع له بين فهم القرآن أولاً ثم حفظه ثانياً. هذه الطريقة هي أنك إذا نظرت القرآن وجدت أن بعض السور تتكلم عن موضوع واحد، وبعضها عن موضوعين، وبعضها تتكلم عن موضوعات متعددة. وبعض المفسرين انتبه إلى هذه الطريقة، وإذا تكلم في تفسيره فإنه يحدد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد، ثم بعد ذلك يأخذ في تفسيرها؛ كتفسير ابن كثير، وتفسير ابن جرير، والطبري، فعندما يُحدد الشخص الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد يحتاج إلى أن يكون على علم من معاني المفردات اللغوية والشرعية التي في هذه الآيات، ثم ينظر في سبب نزولها، ثم ينظر هل هذه الآيات تطرق عليها نسخ؛ يعني: فيها ناسخ أو منسوخ، أو أنها محكمة، ثم ينظر إلى معاني هذه الآيات حسب علامات الوقف؛ لأن علامات الوقف الموضوعة على رؤوس الجمل هي موضوعة من أجل المعنى، فمن علامات الوقف الواجب وهكذا. وعلامات الوقف موجودة في آخر القرآن، فالشخص يعرف معاني هذه الآيات. ثم إن القرآن فيه مُشكِل من ناحية التلاوة بالنسبة لوجود تشابه بين بعض الآيات؛ كما في قوله -جل وعلا-: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}[2]، ومثل: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[3]؛ يعني: تقديم كلمة "به" وتأخيرها، وهكذا {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}[4] و {أَوَلَمْ يَسِيرُوا}[5]، وفيه كتاب اسمه (دليل الآيات المتشابهات) خدم هذا الجانب.
وفي القرآن مُشكِل من ناحية تعارض بعض الآيات الظاهرة. والشخص يحتاج إذا مرت عليه آية مع تعارضها مع آية أخرى أنه يعرف معنى هذا التعارض وكيف التخلص منه. ومن الكتب المؤلفة في هذا كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل في متشابه التنزيل)، وكتاب (باهر البرهان في متشابه القرآن) وفيه كتب كثيرة مؤلفة في هذا.
ثم بعد ذلك ينتقل إلى المعنى العام لهذه الآيات، وإذا انتهى من هذا ينتقل لاستخراج الأحكام التي اشتملت عليها هذه الآيات.
إذا أتقن هذه الخطوات فإنه يسعى بعد ذلك إلى تكرار الآيات حتى يحفظها. والناس يتفاوتون في القدرة على الحفظ، فمنهم من يكتفي بقراءة الآيات مرة واحدة، أو مرتين، أو ثلاثاً... إلى آخره. وبالله التوفيق.