Loader
منذ سنتين

حكم تزاود حراجات ومعارض السيارات، وحراجات الأقمشة والمواد المنزلية يتزاودون في سعر السلعة تحت المايكروفون دون شرائها


الفتوى رقم (3782) من المرسل السابق، يقول: أشاهد أن جميع حراجات ومعارض السيارات، وحراجات الأقمشة والمواد المنزلية يتزاودون في سعر السلعة تحت المايكروفون دون شرائها؛ علماً بأن أصحاب هذه السلع ملكيتها عائدة لهم، وذلك لعله يحضر شخصٌ آخر يريد الشراء، ولا يعرف طريقتهم، ويزيد عليهم في القيمة بثمنٍ لا تستحقه، فيقبضون منه العربون، ويبيعون عليه هذه السلعة، وإذا اتضح له أنها لا تستحق هذا الثمن، أو ظهر إخلالٌ شرعي، فإنهم يرفضون إعادة المبلغ الذي دفعه عربوناً مهما كان مقداره، أو يجبرونه على أخذ تلك السلعة، أو ترك العربون بدون حق. فما نظر الشرع المطهر في هذه الطريقة التي يمارسها أولئك الأشخاص؟

الجواب:

 هذه الصورة الذي ذكرها السائل لا تجوز؛ لأن الذين يزيدون في السلعة إما أن يكون الواحد منهم شريكاً؛ كأن يكون في السلعة أكثر من شريك، ويعرضونها وكلّ شريكٍ يزيد في السلعة، لا من أجل شرائها، ولكن من أجل رفع ثمنها. أو يشترك فيها ثلاثة فأكثر ويتزايدونها من أجل رفع قيمة السلعة، وعندما يأتي شخصٌ لا يدري أن هؤلاء الذين يزيدون هم أصحاب السلعة، ويزيد وتكون قد ارتفعت قيمتها عن السعر المعتاد، فعندما تزيد يغتنمون هذه الفرصة ويبيعون عليه، وعند ذلك يطلبون منه العربون من أجل أن يكون وثيقةً في بيع السلعة عليه، وبعدما يحصل تفرق من المجلس، قد ينصحه شخصٌ ويقول له: قيمة هذه السلعة ليست هي القيمة الحقيقية؛ لأن هؤلاء الذين يتزايدونها هم أصحابها، وقد اغتنموا فرصة وجوده فباعوها عليه، وإلا فالسلعة لا تساوي إلا نصف هذه القيمة، فيرجع إليهم من أجل أن يلغي هذا البيع، وهم بين أمرين: إما أن يلزموه بالسلعة، وإما أن يأخذوا العربون، فإلزامه بالسلعة لا يجوز، وأخذ العربون لا يجوز؛ لأن هذا من الظلم، لا بالنسبة لبيعه هذه السلعة بهذه الطريقة، ولا بالنسبة لأخذ العربون؛ لكونهم يأخذون العربون عندما ينحل البيع؛ لأن العربون مبنيٌ على سببٍ غير شرعي، هذا من جهة. ومن جهةٍ أخرى أخذ العربون حتى ولو كان العقد صحيحاً محل خلافٍ بين أهل العلم، منهم من يجيزها، ومنهم من يمنعها، وعلى كلّ حال فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ». هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى ينبغي للتاجر أن يتحرى الكسب الطيب؛ لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، والشخص يكسب المال يكتسي منه، وهذه الكسوة يصلي بها، ويستر بها عورته، وكذلك ينفق على أولاده ويكسوهم، وكونه ينفق شيئاً يؤجر عليه، أحسن من كونه ينفق شيئاً هو مأزور على كسبه من جهة، ومأزورٌ على بقائه من جهةٍ أخرى؛ لأنه دخل عليه بغير وجهٍ شرعي، فعلى كلّ شخصٍ أن يتنبّه للأموال التي تدخل عليه من جهة كسبها من الوجه الحلال، وأن يتجنّب الكسب من الوجوه المحرمة؛ لأن الله يمحق بركة المال الذي ليس بمالٍ شرعي، إما أن يمحق بركة بدن الشخص، أو أنه يمحق بركة عمل الشخص، أو يمحق بركة وقته، أو يمحق بركة ماله؛ كلّ هذا بسببه هو؛ لأن الله تعالى يقول: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"[1]، ويقول: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"[2]، فكون الإنسان يتسبب في إيقاع الإضرار بنفسه، هذا لا يجوز له أن يفعله؛ بل يجب عليه أن يتقي الله. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (41) من سورة الروم.

[2] من الآية (30) من سورة الشورى.