Loader
منذ سنتين

معنى عبارة (لا تقف عند حدود النص ولكن أفهم النص)، عند مناقشة أحاديث الرسول ﷺ؟


الفتوى رقم (10874) من المرسل ع.ع، يقول: أسمع عبارة: (لا تقف عند حدود النص ولكن أفهم النص)، وذلك عند مناقشة أحاديث الرسول ﷺ؟

الجواب:

        من المعلوم أن الألفاظ قوالب للمعاني، وأن الدليل من القرآن كما قال ابن عباس -رضي الله عنه- : « القرآن على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من لغتها »[1]، وقصده من هذا مفهوم الكلمات اللغوية. يقول: هذا تعرفه العرب من لغتها؛ كالزنيم، والخرطوم، وما إلى ذلك.

        وقسم: لا يُعذر أحد بالجهل به؛ كقوله -تعالى-: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[2]، {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}[3]، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ}[4] هذا واضح ظاهر لا إشكال فيه.

        وقسم يعرفه العلماء، وقسم استأثر الله بالعلم به. فالقسم الذي استأثر الله بالعلم به لا يجوز لأحد أن يدخل فيه في أي مرتبة من مراتب العلم، وهذا ما يُسمى بالمتشابه الحقيقي. وتسميته بالمتشابه هذا بالنظر إلى المكلفين؛ أما بالنظر إلى الله -جلَّ وعلا- فهو على حقيقته باعتباره الواقع.

        وبناء على ذلك فالقسم الثالث الذي يعرفه العلماء إذا توفرت الشروط في العالم وانتفت الموانع بإمكانه أن يدخل مع هذا الباب، ويفهم الأدلة الشرعية؛ لأن علاقة العالم بفهم الأدلة الشرعية لها أربع مراتب:

         المرتبة الأولى: أن يفهم فهماً مبايناً لمراد الله -جلَّ وعلا- أو لمراد الرسول ﷺ قد يكون متعمداً وقد يكون مخطئاً، فإذا كان متعمداً فلا شك أنه آثم، وإذا كان مخطئاً فإن خطأه معفوٌّ عنه.

        المرتبة الثانية: يكون مطابقاً، كما في قوله ﷺ: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران »، فهذا أصاب مراد الله، أو أصاب مراد الرسول ﷺ، فهو مصيب لمراد الله إذا كان مستنده القرآن، ومصيب لمراد الرسول ﷺ إذا كان الدليل الذي استدل به من السنة.

        المرتبة الثالثة: وتارة يكون عنده إفراط في الفهم؛ بمعنى: إنه يزيد على مراد الله -جل وعلا- وهذا إذا كان مخطئاً فخطؤه معفوٌ عنه، وإذا كان متعمداً فلا شك أنه آثم.

        المرتبة الرابعة: وهكذا بالنظر إذا كان فهمه أقل من مراد الله وكان مراد الله أعم، هذا -أيضاً- إذا كان متعمداً فلا شك أنه آثم، وإذا كان مخطئاً فإن خطأه معفوٌ عنه.

        لكن لا بد أن يكون مؤهلاً تأهيلاً علمياً لا باعتبار الوسائل ولا باعتبار الغاية؛ يعني: يكون مؤهلاً تأهيلاً علمياً يؤهله لفهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

        أما إذا كان الإنسان فقد الوسائل المستخدمة لفهم القرآن، أو كان ضعيفاً في هذه الوسائل لكنه رفع نفسه إلى درجة المؤهل تأهيلاً علمياً سليماً، وحصل نقاش بين هذين الشخصين فهذا نقاشٌ بين شخصين غير متماثلين.

        والمفروض أنه إذا حصل نقاشٌ بين شخصين في مسألةٍ من المسائل فلا بد من التساوي في المقدرة العلمية حتى يكون كلام كل واحد منهما محل نظر. والبرنامج لا يتسع لمزيد شرحٍ لهذه النقطة وفي ذلك كفاية. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه الطبري في تفسيره(1/70).

[2] من الآية (32) من سورة الإسراء.

[3] من الآية (34) من سورة الإسراء.

[4] من الآية (33) من سورة الإسراء.