Loader
منذ سنتين

حكم البيع المؤجل


الفتوى رقم (3210) من المرسل ح. م. ص، يقول: أود أن أستفسر عن البيع المؤجل، هل يقع في دائرة المحرمات أم لا؟ ويمثل على ذلك بمثال: رجلٌ يريد أن يشتري سلعة بخمسين، وإذا كانت مؤجلة فبخمسةٍ وسبعين، فما الحكم؟

الجواب:

 البيع المؤجل يختلف تكليفه باختلاف صور التعامل، فمن البيع المؤجّل أن الشخص يبيع سيارةً تساوي في الحاضر ثلاثين ألفاً، ويبيعها إلى مدة سنة بأربعين ألفاً، فهذا بيعٌ مؤجّل، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الثمن مقسطاً أثناء السنة، أو يدفع الثمن كاملاً بعد نهاية السنة، فهذا يُقال عنه: بيعٌ مؤجّل، وهو مشروع؛ لأن الله -تعالى- قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ"[1].

ومن البيوع المؤجّلة -ولكنها ليست بصحيحة- أن يأتي شخصٌ إلى شخص ويقول له: أريد أن أشتري منك مائة دولار إلى مدة سنة، والدولار يساوي: ثلاثة ريالات ونصف، ويقول: أنا أشتريه بخمسة ريالات إلى مدة سنة، فهذا بيعٌ مؤجّلٌ، ولكنه بيعٌ ليس بصحيح؛ لأن الرسول ﷺ حينما ذكر جملةً من الأمور التي يجوز بيع بعضها ببعضٍ في بعض الأحوال، ويمتنع في بعض الأحوال، قال: « الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبُرّ بالبُرّ، إلى أن قال: مثلاً بمثلٍ، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ».

فتبيع التمر بعضه ببعض، وتبيع الذهب بعضه ببعض، لا بدّ فيه من المساواة، ولا بدّ فيه من التقابض في مجلس العقد.

والورق الموجود -الآن- أصبح بدلاً. فمنه ما يكون بدلاً عن الفضة، ومنه ما يكون بدلاً عن الذهب، وعندما ننظر إلى الريال السعودي نجده نوعاً، وعندما ننظر إلى الدولار نجده نوعاً، فعندما يُباع الريال السعودي بالريال السعودي لا بدّ فيه من التقابض والتماثل. وعندما يباع الدولار الأمريكي بالريال السعودي لا بدّ فيه من التقابض.

أما مسألة التماثل: فكون إن السائل سّعر الدولار خمسة ريالات، أو ستة ريالات، أو أربعة ريالات إذا حصل التسليم في مجلس العقد، وبناءً على ذلك فما يفعله كثيرٌ من الناس الذين يبيعون الدولار إلى أجل، أو يبيعون الجنيه الإسترليني إلى أجل، ويبيعون الذهب إلى أجل، فهذا بيعٌ مؤجّل؛ ولكنه بيعٌ ليس بمشروع.

ومن ذلك -أيضاً-: ما يحصل من أن الشخص يسلّم نقوده إلى جهةٍ من الجهات المصرفية، يسلّمها لهم على أمل أنهم يضمنون له ربح عشرة في المائة، أو ثمانية في المائة، أو يشتري منهم نقوداً، يأخذ منهم ثمانين ريالاً على أن يدفع لهم بعد سنة مائة ريال. فهذا نوعٌ من أنواع بيوع الآجل، فهذا -أيضاً- لا يصح، وتسميته بيعاً لا يكسبه صفةً شرعيةً؛ بمعنى: أن يقال إن هذا جائز.

وبيوع الآجل كثيرة في الشريعة، ومن أوسع من تكلم عليها فقهاء المالكية، فمن أراد التوسع في ذلك فعليه الرجوع إلى كتب المالكية. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (282) من سورة البقرة.