حكم الزوج من رجل لا يصلي و لا يصوم ويرفض تطليق زوجته التي طلبت منه الطلاق، ونتيجة لذلك طلبت الإعارة للتدريس في بلد بدون محرم
- النكاح والنفقات
- 2021-09-22
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1685) من المرسلة أ. ب. ت من عُمان، تقول: أنا معلّمة محجبة، وأحفظ كثيراً من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة؛ تزوجت منذ سبع سنوات برجلٍ لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يحج! ولما علمت برأي الدِّين منذ سنةٍ تقريباً بأنه لا يحل زواج المسلمة بكافر طلبت منه الطلاق عدة مرات، وساومته عليه؛ ولكنه يرفض تطليقي، وقد رزقت منه بطفل، فما الحكم ؟
ثانياً: نظراً لرفضه تطليقي، فقد وافقت على إعارتي إلى بلدٍ للتدريس وبدون محرم، مع أنني أعرف أنه لا يجوز للمرأة في سفرٍ ثلاث ليالٍ إلا مع ذي محرم، مع أنني أعمل في مدرسةٍ للبنات -فقط-، ولا تختلط بالرجال أبداً، وأنا أرتدي الحجاب الشرعي، فما رأي الدِّين في ذلك؟
ثالثاً: هل عليّ كمعلمة حلالٌ أم حرام عملاً بالآية الكريمة:"وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى"[1] مع أنني ملتزمةٌ جداً، وأؤدي عملي على أحسن وجه، وأبث القيم الدينية في طالباتي وكذلك الأخلاق الحميدة، وإذا كان حرام فكيف يُعمل بالبنات؟ ومن الذي يقوم بتعليمهن ليخرج إلينا الطبيبات والمعلّمات اللآتي ينفعن النساء؟ فضيلة الشيخ قاربت على الرجوع إلى وطني، فأرجو الرد سريعاً على مشكلتي؛ حتى أستطيع تحديد موقفي من زوجي، وهل أبقى معه أم لا؟ وهل أكمل إعارتي إلى ذلك البلد بدون محرم؟
الجواب:
هذه المسألة لها نظائر من جهة الواقع:
فأما بالنسبة للأمر الأول منها، وهو: أن المرأة تتزوج شخصاً بناءً على أنه مسلم، ثم بعد ذلك يتبيّن لها أنه لا يصلي ولا يصوم ولا يحج! وتريد الخلاص منه؛ ولكن لا يتيسر لها ذلك.
فبالنسبة لهذه المسألة، لا يجوز للمرأة المسلمة أن تبقى مع زوجٍ كهذا؛ ذلك أن الشخص إذا ترك الصلاة جاحداً لوجوبها، أو تركها تهاوناً وكسلاً؛ فإنه يُستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قُتل مرتداً عن الإسلام، لا يُغسّل، ولا يُصلّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرثه أولاده المسلمون؛ يعني: ورثته أولاده، إذا كانت له زوجة وكانت مسلمة، لا ترثه أيضاً.
وهذه المرأة بإمكانها أن تراجع الجهة الشرعية، وترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، وهو الذي يتولى التفرقة بينها وبينه؛ ولكن في خلال المدة قبل التفرقة فيما بينهما لا يجوز لها أن تمكّنه من نفسها كزوج، وبإمكانها أن توضّح هذا الأمر لولي أمرها من أجل أن يساعدها على إنهاء الموضوع بأسرع وقتٍ ممكن، وهذا الحكم كما أنه لهذه المسألة فهو ينسحب على جميع المسائل التي من هذا النوع.
ثانياً: إن سفرها بدون محرم لا يجوز لها؛ لأن هذا مخالف لنهيه ﷺ فقد قال ﷺ: « لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومٍ وليلة إلا ومعها ذو محرم »؛ فهي آثمةٌ بالنظر إلى سفرها بدون محرم.
ثالثاً: أما بقاؤها في المدرسة بدون اختلاطٍ بالرجال، فهذا له نظائر كثيرة جداً، وإذا كانت المرأة تقوم بعمل للنساء من تدريس وتربية بما يحقق لهنّ المصلحة، فهذا ليس فيه شيء.
وما تطرقت إليه السائلة من ناحية تعليم المرأة، فتعليم المرأة مشروع؛ ولكن بقدر ما تحتاج إليه هي في نفسها من جهة ما أوجب الله عليها وجوب عين، وكذلك ما يجب من جهة العموم على أساس أنه فرضٌ من فروض الكفايات؛ ولكن تعليم المرأة يحتاج إلى ضوابط من جهتين:
أما الجهة الأولى: فهي أن يُصرف عنها في منهاج التعليم، وكذلك بالنسبة لمن يقوم بالتدريس أن يصرفوا عنها جميع ما يرتب مفسدةً عليها، وبالتالي تنتقل هذه المفسدة إلى أسرتها وإلى مجتمعها، فبدلاً من أن تكون عضواً عاملاً سليماً في المجتمع وفي الأسرة، أصبحت عضواً يفسد المجتمع ويفسد الأسرة؛ لأن أفراد الأسرة إذا كانوا صالحين فهي صالحة، وأفراد المجتمع إذا كانوا صالحين فهو مجتمع صالح، وبقدر ما يكون فيه من الأفراد الفاسدين فإنه يكون فيه فساد.
ومن جهةٍ ثانية: تمنع الأمور التي من شأنها إذا حصلت ينشأ عنها مفسدة، فما كان من شأنه مفسدٌ لها من الواقع هذا يُصرف ويزال، وما لم يقع من الأمور التي تؤثر على شخصيتها تأثيرا سيئاً هذا يمنع حصوله، فإذا كانت المرأة التي تقوم بتدريس البنات تعتني بهذين الأمرين، وتغرس في نفوس الطالبات العقيدة الصحيحة، وتربيهن على العلم النافع والعمل الصالح؛ فهي مأجورة على ذلك، وبقدر ما تخرج عن طريق الاستقامة فإنها تكون آثمة. وبالله التوفيق.