Loader
منذ سنتين

في إجابةِ الأذان هل يجب إجابة أي أذان يُسمع حتى ولو كان يُنقل عبر التلفاز وفي دولةٍ أخرى، أم أجيب الأذان الذي في بلدي فقط؟


الفتوى رقم (9824) من مرسل من جدة، يقول: في إجابةِ الأذان هل يجب إجابة أي أذان يُسمع حتى ولو كان يُنقل عبر التلفاز وفي دولةٍ أخرى، أم أجيب الأذان الذي في بلدي فقط؟

الجواب:

        إذا نظرنا إلى الشريعة وجدنا أن المسألة الواحدة يكون لها وسيلة، ويكون لها سبب، ويكون لها حكم، ويكون لها حكمة،لكن هذه الحكمة قد تكون منصوصةً، وقد تكون مستنبطة، وقد تكون مما استأثر الله -جل وعلا- بعلمه؛ وبخاصةٍ الأمور التوقيفة التي لم يُنصّ على حكمها.

        وإذا نظرنا إلى قاعدة القرآن وقاعدة السنة وجدنا أن الأدلة التي جاءت في القرآن وجاءت في السنة أنها تقرر مبادئ عامة ولا تحكم على مسألةٍ معينة؛ وإنما تأتي بالوصف الذي هو السبب، وبعد ذلك تأتي بالحكم. وقد تذكر الوسائل بالإضافة إلى السبب وكذلك من ناحية الحكم، فمثلاً قوله -جل وعلا-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[1]، هذا عامٌ في كل سارقٍ توفرت فيه الشروط منذ أن نزل هذا الدليل إلى أن تقوم الساعة، بناءً على اختلاف الأشخاص، واختلاف الأمكنة، واختلاف الأزمنة.

        المهم هو توفر الشروط وانتفاء الموانع. ومثل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[2]؛ وهكذا إذا تتبعت القرآن وتتبعت السنة وجدت أن الأحكام عامة، ولهذا كان من صفات هذه الشريعة العموم. والمقصود بالعموم -هنا- مما يُقصد منه؛ لأن العموم له عدة وجوه؛ لكن الذي يعنينا هنا هو عموم الأحكام لا عموم الأشخاص إلا ما ورد استثناؤه.

        بناءً على هذا الكلام نأتي إلى محل السؤال، الرسول ﷺ قال: « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول... » الحديث.

        عندما نأتي إلى تحليل هذا الكلام نجد أن كلمة: « إذا سمعتم » هذه من ناحية الوقت؛ يعني: أي وقت سمعتم. المخاطبون من هم؟ الذكور والإناث منذ أن نطق الرسول ﷺ بهذا الحديث إلى أن تقوم الساعة، فكل المكلفين داخلون في هذا؛ لكن الرسول ﷺ لم يذكر قيداً من القيود؛ بمعنى: إنه لم يُخصص مكاناً، ولم يخصص زماناً،  ولم يخصص نوعاً من أنواع الأذان؛ يعني لم يقل: أذان العصر، أذان المغرب، أذان العشاء أو ما إلى ذلك فإذن لم يُقيده.

        وبناءً على ذلك فإنه يكون عاماً. وعلى هذا الأساس فإذا سمعت المؤذن -سواء كان مؤذناً عند البيت، أو سمعته في الإذاعة- فإنك تقول مثلما يقول؛ لأنك داخلٌ في عموم هذا الحديث، وهذا الأذان داخلٌ في العموم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (38) من سورة المائدة.

[2] من الآية (2) من سورة النور.